آخر الأخبار
ببـســـاطــــة أقـــــول : المعلمــون والحـرب ؟!
1
❍ كثيرة هي المواقف المؤلمة لقصص المعاناة التي تنعكس بأثرها على الشعور فتعجز الكلمات أن تنقل هذه المعاناة بالأوصاف التي تستحقها.
2
¤ هكذا بدى لي الحال وأنا أستمع لمعاناة هذا المعلم الذي أرهقته وأعيته ظروف الحياة جراء إنقطاع الرواتب منذ ما يزيد عن أربعة أعوام .
3
¤ المعلم رفيق شرف "44 عاما" بكالوريوس تخصص رياضيات 97 م، بتقدير عالي، متزوج وأب لبنتان وولدان، أكبرهم في الـ17 من العمر وأصغرهم في الـ7 .. يسكن في بيت إيجار بأمانة العاصمة.
• وأبتدئ من حيث أنتهى رفيق حينما صاحب كلماته دموع غالب بكل كبرياء المعلم تساقطها ، وإن خفتت معها نبرة الصوت .. متحدثاً عن ، زميل وجد نفسه في إحدى الليالي التي مرضت فيها إحدى بناته ولم يكن في جيبه سوى أوراق ديون مملؤة بأسماء عجز عن العودة إليهم لمرة أخرى للاستدانة وإسعاف إبنته، وأضطر لبيع بعض الأثاث بمبالغ زهيدة لا تفي بتكاليف التنقلات للمستشفيات ومتطلبات العلاج.
4
¤ ويقول رفيق واصفاً حاله زميله ، التي أصبحت حالة يتجرعها الجميع : " كانت من أصعب الليالي التي شعر حيالها بالعجز التام، ولولا تعاون أحد الأصدقاء لكان فقد إحدى بناته تزهق روحها بين يديه ويدي، وأنا لا حول لي ولاقوة".
• ويضيف : منذ إنقطاع صرف مرتباتنا وحياتنا أنقلبت رأساً على عقب، ولكي نواجه متطلبات المعيشة بحدها الأدني والتكيف مع هذا الوضع المأساوي، بعنا كل مدخراتنا سواء التي هنا أو تلك التي ورثناها في القرية .. وبرغم أننا تخلينا عن الكثير من الأشياء والإحتياجات المعيشية والحياتية إلا أن الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد آخر ..
• وما زالت ديوننا تتراكم كي نواصل العيش، ومعها تتأجل الكثير من الأحلام والأمنيات ..
• وليس هناك بصيص خلاص قريب، ومازلت حتى اليوم أبحث عن مصادر دخل بديلة وثابتة، لكنها رحلة بحث سرعان ما تنتهي بالفشل، أضطررت إلى العمل في أكثر من مهنة لكنها جميعها مؤقتة وعائدها المادي محدود وضئيل جداً .
• ويتابع قائلاً : "إنقطاع المرتبات خلق مآس كثيرة، أنعكست على مختلف جوانب حياتنا جميعاً وخاصة نحن شريحة المعلمين ..
• ويضيف : ومع إستمرار وضع كهذا فإني لا أرى أي مستقبل للتعليم وأجيال اليمن" ..
5
❍ وبات ملحوظاً مغادرة عدد من المعلمين للمدارس الحكومية باتجاه المدارس الأهلية، وتخلي البعض عن مواصلة التدريس بشكل نهائي للإلتحاق بسوق العمل لمساعدة الأهل، وتوفير لقمة العيش لهم .. وبالمقابل عزوف الطلاب عن التعليم وتوجه الميسورين للمدارس الأهلية وأولاد الفقراء إلى الشوارع كباعة متجولين وغير ذلك.
6
¤ يقول رفيق :"حال المعلم بات أشد بؤساً بسبب إنقطاع صرف مرتبه الذي يمثل مصدر معيشته وأسرته، ترتب عليه حالة من الإحباط الجماعي، سيما والمدرس يجد نفسه يومياً في صراع قاس وغير متكافئ لكي يوفر الحد الأدني من المتطلبات المعيشية لعائلته، فضلاً عن أننا كثيراً ما نجد أنفسنا عاجزين عن إمتلاك أجرة الباص الذي يوصلنا إلى مدارسنا فنضطر إلى المشي سيراً على الأقدام لمسافات قد تزيد عن الساعة ذهاباً ومثلها عودة، فأي نفسية يمكن أن تجعل المدرس يؤدي مهام عمله وهو في هذه الحال، كما أن مسئولي المناطق التعليمية لا يأبهون لحالنا، فبرغم أنهم لا يوفرون لنا وسائل مواصلات، نجدهم يحرصون على توزيع معظمنا على مدارس بعيدة جداً عن أماكن سكننا .. هذا من جانب، ومن جانب آخر فالعديد من الطلاب مثلنا تماماً حيث أصبحوا هم الآخرين محبطين ونفسياتهم متعبة وسيئة بسبب معاناة عائلاتهم ، فمعظمهم أبناء موظفين وهم أيضاً بلا مرتبات" .
• ويضيف المعلم رفيق : حين التقي بزملائي المعلمين، ونتحدث، أسمع شكاوى مريرة ومؤلمة وكاسرة للقلب، هناك مدرسين تحولوا إلى عمال بناء وآخرين باعة جائلين لتأمين متطلبات وإحتياجات المعيشة لأسرهم، وهناك من فقدوا إستقرارهم النفسي ، فأصبحوا شبه مجانين، وتردد على مسامعنا إنتحار معلمين لعجزهم عن توفير المتطلبات والإحتياجات المعيشية لأسرهم ، ولن يكون المدرس
الذي أنتحر الشهر الماضي، في مديرية العدين بإب، آخر المنتحرين ..
• ويختم المعلم رفيق، قائلاً : هذا الحالة لن تؤدي لمخرجات سليمة، وجيل متعايش وإيجابي وفاعل ..
• كما أن هذه الأوضاع مع إستمرارها ستؤدي قريباً إلى توقف العملية التعليمية نهائياً .
7
❍ ويشهد التعليم في اليمن تردياً ملحوظاً جراء إنقطاع المرتبات على المعلمين وإنعكاس ذلك على العملية التعليمية سلبياً.
• تصريح مشترك لمنظمتي اليونيسف واليونسكو، ومبادرة "التعليم لا يمكن أن ينتظر"، و"الشراكة العالمية للتعليم"، دعا إلى ضرورة استئناف دفع رواتب المعلمين اليمنيين والبالغ عددهم 145 ألف معلّم يعلّمون الأطفال تحت ظروف في غاية الصعوبة تهدد حياتهم.
• كما دعو في تصريحهم في يوم المعلم العالمي، والذي يصادف ألــ 5 من أكتوبر ، كل عام ، والذي حمل عنوان "الحق في التعلّم يعني الحق في وجود معلّم مؤهّل"، إلى ضرورة الإتحاد لإنهاء العنف ضد الأطفال في اليمن وحماية حقهم في التعلّم ..
• مؤكدين أنه لا مجال لإضاعة الوقت، في ظل مواجهة جيل كامل من الأطفال لضياع فرصتهم للتعلّم - بل ومستقبلهم برمّته.
• وشددت هذه المنظمات : إن لم نقُم بإلتزامنا وعملنا الجماعي، فسوف نفشل في الوفاء لما يطرحه جدول أعمال العام 2030 – لا لإهمال أيّ طفل أو معلم"..
• مؤكدين التزامهم بمواصلة دعم التعليم المنصف والشامل والنوعي، لجميع أطفال اليمن.
8
❍ ختاماً ، وببـســاطــة أقـــول :
• سيذهب الأطفال
إلى المتارس ..
بعد أن أغلقت
في وجوههم
المدارس ..
هو عام آخر
للسعي إلى
الموت ..
-----------------------------
☆ الرئيس التنفيذي لمركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية CTPJF
☆☆ رئيس تحرير صحيفة "السـلطـة الـرابـعـة"
* المقال خاص بموقع "المهرية نت"