آخر الأخبار
الضالع..المليشيات تصعّد من وتيرة اغتيالاتها والأمن يفشل في ضبط الجناة (تقرير خاص)
شهدت الضالع عشرات الاغتيالات في ظل سيطرة مليشيات الانتقالي
الأحد, 06 ديسمبر, 2020 - 04:53 مساءً
مثّل تحرير مدينة الضالع قبل خمسة أعوام أملاً للمواطنين الذين استبشروا بعهد من الرخاء، مستمدين أملهم من عاصفةٍ أسمت نفسها بـ"الأمل"، غير أن سراباً اكتنف باطن الأمر.
استغلت الإمارات تفلت الأوضاع وغياب السلطة الشرعية فأنشأت مليشيات الحزام الأمني بعد أشهر من تحرير المدينة، ثم تكشفت حقيقة تلك المليشيات بعد عام من تأسيسها، حيث بدأ مسلسل الاغتيالات بشكل كبير، وتصاعد الأمر أكثر فأكثر حتى بدأت مرحلة تصفية قيادات رفيعة المستوى في شتى الجوانب.
عشرات من جرائم القتل حدثت في محافظة الضالع، سجّل الأمن غالبيتها ضد مجهولين، وأما محاولات الاغتيال فبالعشرات التي طالت كل طبقات المجتمع، بثّت الرعب والخوف في الجميع وبات الحسّ الأمني للحذر هو سيّد الموقف.
أبرز الضحايا
رئيس الدائرة السياسية لحزب التجمع اليمني للإصلاح تم اغتياله في الشارع العام في أكتوبر عام 2018، ونائب مدير مستشفى التضامن خالد غيمان في يوليو 2019، ومدير الغرفة التجارية عبدالرقيب قزيع في فبراير من 2020، كما تم استهداف قيادات في الجيش كالعميد سيف سكرة نهاية مايو2019، ولحقه نجله وليد سيف مطلع العام 2020 بعد اكتشافه لحقيقة اغتيال والده أنه كان من قبل مليشيات الانتقالي حسب مصادر خاصة لـ«المهرية نت».
وفي بداية نوفمبر اغتيل محمد عبدالواحد الأزرقي أحد ضباط الجيش الوطني ونجل رئيس جمعية الإحسان في الشارع العام بمدينة الضالع.
وفي سبتمبر2020 اغتيل الشيخ أسامه محمد سيف أمام الجامع الكبير، وبعد أسبوعين من الحادثة اغتيل رئيس فرع الإصلاح بالأزارق أحمد أحمد علي.
في أسبوع
كانت حادثة اغتيال الشيخ حاشد ريشان قبل أسبوع صدمة كبيرة للمجتمع، خصوصاً في ظل تضحياته الكبيرة في الدفاع الكبير عن مديرية قعطبة، لكن اغتيال العميد خالد عبده الحميدي، أمس السبت، كانت بمثابة القطرة التي فاض منها الكأس في مسلسل الاغتيالات التي تفشت منذ تولي مليشيات الانتقالي المدعومة إماراتياً مقاليد المحافظة منذ تحريرها قبل خمس سنوات.
جرائم بلا مساءلة
مصادر خاصة تحدثت لـ«المهرية نت» عن وجود أساليب حديثة في تصفية القيادات الوطنية، حيث قالت إن هناك خلايا اغتيالات تتمثل مهمتها بفحص تاريخ الشخصيات المستهدفة، وفي وحال وجود مشكلات شخصية للمستهدف فإنها تغذي الخصم وتشجعه على قتل معارضيها، واستشهدت المصادر بطريقة اغتيال رئيس فرع إصلاح الأزارق أحمد أحمد علي في سبتمبر الماضي، وكذلك اغتيال الشيخ حاشد ريشان قبل أسبوع حين تعرض له أحد أقاربه وباشره بإطلاق الرصاص أثناء خروجه، ما جعل مرافقيه يطلقون عليه ويردونه قتيلاً، ولم يدركوا أن خلفه جهات تدعمه.
كما أفادت المصادر أن خلايا الاغتيال تستهدف كل المتنورين"حدّ وصفها" وكل المثقفين الذين قد يمثّلون عائقاً أمام مشروع داعميهم، وأنه في حال عدم وجود أي مشكلات مع خصومها فإنها تغتالهم بطريقة دراجات ومسلحين مجهولين في حال فشلت بالعبوات أيضا؛ وكل ذلك لتخلوا الساحة لتطبيق مشروع التقسيم والتطبيع.
صدمة غير متوقعة
ومثّلت حادثة اغتيال عميد كلية التربية صدمة كبيرة للمواطنين في محافظة الضالع، حيث يتساءل الجميع ما التهديد الذي كان يمثله هامة علمية عملت في خدمة البلـد لسنوات، ولم يكن لديه سوى دراجته النارية التي يتنقل بها، وكل همه بناء جيل ينهض بمجتمعه، فباشروه بإطلاق وابل من الرصاص جعله ينزف مستقلاً دراجته حتى وصل قرب مستشفى التضامن ثم سقط ميتاً.
مصادر مقربة من الانتقالي قالت لـ«المهرية نت» إن استهداف القادة أمثال الحميدي لايصب إلا بمصلحة الإمارات ومشروعها، ذلك أنها تجد فيمن يقف تجاه مشروعها التطبيعي تهديداً، تلفّق عليه تهمة الإرهاب حتى تستطيع تبرير أفعالها الإجرامية.
ردة فعل المجتمع
غير أن الحقيقة السائدة سرّاً في المجتمع أن أصابع الاتهام تشير إلى مليشيات الانتقالي، بينما لايجرؤ أحد على التصريح بذلك خوفاً من المصير ذاته كما تحدث مواطنون لـ«المهرية نت»، غير أن اللائمة التي يصدح بها الجميع كانت على إدارة الأمن وذلك جراء الفشل الذريع في ضبط الأمن وعدم القيام بمهمتها الحقيقية بدلاً من تقييد القضايا ضد مجهولين.
المواطنون الذين نفذوا عشرات الوقفات الاحتجاجية للتنديد بالاغتيالات التي حدثت، لم يلقوا آذاناً سامعة، فلم يكن أمامهم هذه المرة إلا أن يغلقوا محلاتهم التجارية أمس احتجاجاً على هذا الإرهاب المنظم، يقول التاجر رامي لـ«المهرية نت» لم نعد نأمن من السطو والابتزاز ولو عارض أحد تلك الجهات "الانتقالي" فربما يفقد حياته ببساطة، فليس أمامنا حل سوى الإضراب.
العميد الحميدي كان قد استطاع تخريج جيل يحمل كل مؤهلات العمل علمياً وأكاديمياً، رغم ما كان يقف أمامه من التحديات المادية لتوسعة كلية التربية في الضالع، إلا أن تعداد طلابها لهذا العام كان قد بلغ أكثر من ألفي طالب وطالبة، وأمسى يخيم الحزن كل البيوت التي وصلتها الرسالة العلمية في الضالع، وهو ما جعل اغتيال العميد الحميدي يلامس أفئدة الجميع تحت كل سقف.
لم يبق سوى الغريب القاتل يترصد كيف يمكنه تصفية بقية القادة في كل القطاعات وسط غياب تام للعدالة والأمن، وفي ظل غياب شرعية كل ما تفعله سوى بعث التعازي.