آخر الأخبار

"القَمَرِيَّة" وإثراء التشكيل اليمني

عمارة "القَمَرِيَّة" وإثراء التشكيل اليمني

عمارة "القَمَرِيَّة" وإثراء التشكيل اليمني

المهرية نت - العربي الجديد
الأحد, 24 مايو, 2020 - 01:59 صباحاً

أوصت دراسة علمية أجرتها باحثة يمنية، مؤخرًا، بأهمية دراسة جماليات البنية التركيبة لـ"القَمَرِيَّة" (التي تنفرد بها العمارة في صنعاء، وأكثر من مدينة يمنية)، كعمل فني (تشكيلي مفاهيمي) يثري النمط الثقافي التشكيلي المعاصر في اليمن، انطلاقًا من أن إنتاج "القَمَرِيّات" هو في المحصلة منجزٌ (ملهم) تشكيليًا، تمامًا كما هو منجز حِرَفي متوارث، ونمط عمارة خاص.

 

وتقترح أطروحة دكتوراه أنجزتها الباحثة والفنانة التشكيلية اليمنية، ألطاف عبدالله علي حمدي، دراسة انعكاس القيمة الجمالية للموروث الشعبي، والحرف اليدوية (عمومًا)، على مستوى الإنتاج الفني التشكيلي، وتوجيه ذلك ليُدَرّس لطلبة التربية الفنية في المدارس والجامعات اليمنية.

 

كما توصي الأطروحة بأهمية دراسة البنية التركيبة والتشكيلية للموروث الشعبي والحرف اليدوية كوحدة تشكيلية، وتنمية الذائقة الجمالية لدى طلاب الفنون، انطلاقًا من دراسات ناقدة (بنيوية وتفكيكية) تقف أمام تاريخ ومكونات عناصر البناء الشكلي، والقيمة الجمالية للموروث الشعبي (اليمني) والحرف اليدوية للمجتمع.

 

وتقترح الدراسة أيضًا، اعتماد زيارات تعليمة ميدانية لطلبة التربية الفنية والفنون الجميلة إلى محلات الحرف اليدوية من ناحية، ومن ناحية أخرى استضافة (حِرَفِيّين) لتقديم ورش عمل في الجامعات، تأكيدًا على أهمية الحرف اليدوية في المجتمع، وتفاعلًا مع جمالياتها كإبداع فني، بطريقة ما.

 

"القَمَرِيَّة" والذائقة الجمالية

 

من جامعة سعودية، نالت الباحثة ألطاف عبدالله حمدي، قبل أيام، درجة الدكتوراة في الفلسفة، تخصص: تربية فنية، في جلسة مناقشة أكاديمية علنية أجريت عبر تطبيق "zoom" الإلكتروني، بسبب تداعيات جائحة كورونا، عن رسالتها المعنونة بـ"الأنماط الشكلية للقمرية في الفن التشكيلي اليمني المعاصر كمدخل لإثراء الذائقة الجمالية".

 

هدفت الدراسة إلى عرض العلاقة بين الأنماط الشكلية للقمرية والفن التشكيلي اليمني المعاصر، والتعرف على أثر انعكاس الأنماط الشكلية للقمرية على الذائقة الجمالية للفنان التشكيلي، وبناء برنامج تعلمي أكاديمي مقترح لدراسة العلاقة بين المنطلقات الفكرية الفلسفية للقمرية والذائقة الجمالية لدى طلبة التربية الفنية المرحلة الجامعية، لبحث إمكانية الاستفادة من الأنماط الشكلية للقمرية، كمدخل لإثراء الذائقة الجمالية لدى طلبة التربية الفنية.

 

حوار تشكيلي- مفاهيمي- فلسفي

 

خلصت الدراسة، في تحليلها للعلاقة الارتباطية بين الذائقة الجمالية للفنان التشكيلي، والأنماط الشكلية للقمرية، إلى أن ثمة علاقة ارتباطية إيجابية تثري النمط الثقافي والتشكيلي اليمني المعاصر، ذلك لأن "البنية التركيبة للأنماط الشكلية للقمرية" لها دلالات ورموز زخرفة وأشكال تجريدية، ولها أساليب واتجاهات تشكيلية تجريدية معاصرة، وتسهم في تشكل لغة الحوار التشكيلي المفاهيمي والفلسفي لدى الفنان التشكيلي اليمني المعاصر.

 

ووجدت الباحثة من خلال تطبيق برنامج تعليمي أكاديمي مقترح هدف إلى تنمية مهارات النقد والتذوق والإنتاج الفني لإثراء مقرر التشكيل المجسم (النحت والخزف)، أن ثمة هوية فلسفية جمالية للقمرية اليمنية وإنتاجها بصورة تشكيلية معاصرة.

 

واتبعت الباحثة، لتطبيق البرنامج، قياس مستوى تنمية الذائقة الجمالية القائم على قياس مستوى الإدراك والتفكير، وفقًا لمراحل النقد والتذوق عند "فلدمان" التي تشمل: (قياس مستوى التفكير المعرفي القائم على مهارة قراءة الرسالة البصرية للعمل التشكيلي في مرحلة الوصف للمدرك الشكلي؛ قياس مستوى التفكير التحليلي القائم على مهارة دراسة وتحليل العلاقة التشكيلية لعناصر بناء العمل التشكيلي في مرحلة التحليل للمدرك الشكلي؛ قياس مستوى التفكير الناقد القائم على مهارة تذوق القيمة الجمالية للرموز والرؤى البصرية في مرحلة التفسير كمدرك شكلي ثقافي؛ قياس مستوى التفكير الإبداعي القائم على مهارة إنتاج عمل تشكيلي في مرحلة الحكم باتخاذ قرار بتوظيف المدرك البصري والتشكيلي الثقافي).

 

جماليات الأنماط الشكلية للقمرية

 

وركز الإطار النظري للبحث، في محوره الأول، على دراسة الاتجاه الفكري والفلسفي للأنماط الشكلية للقمرية، بناء على نظرية النقد البنيوي (البنيوية)، ونظرية التربية الفنية النظامية، من خلال دراسة أثر الأنماط الشكلية للقمرية في تشكيل النمط الثقافي والتشكيلي والذائقة الجمالية لدى الفنان التشكيلي اليمني المعاصر، وطلبة قسم التربية الفنية المرحلة الجامعية، على حد سواء.

 

بينما اهتم المحور الثاني بدراسة البناء الشكلي، والقيمة الجمالية، للبنية التركيبية للقمرية، بناء على نظرية النقد التفكيكي (التفكيكية)، ونظرية التربية الفنية المبنية على المجتمع، عبر دراسة دور الخامات والتقنيات في إثراء وتنوع الأساليب التشكيلية للقمرية، ودراسة أثر البنية التركيبة للقمرية في تشكل لغة الحوار المفاهيمي والفلسفي لدى المشتغلين في الفن التشكيلي، ودراسة الأثر التربوي والثقافي لجماليات الأنماط الشكلية للقمرية.

 

ويسعى الإطار النظري للدراسة (عمومًا) لبناء برنامج تعليمي أكاديمي مقترح لتنمية الذائقة الجمالية لدى طلبة قسم التربية الفنية المرحلة الجامعية، قائم على جماليات الأنماط الشكلية للقمرية اليمنية.

 

واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي، عبر أسلوب تحليل المحتوى الذي يعتمد على جمع البيانات في المراجع والدراسات السابقة، وأسلوب المسح الميداني في جمع البيانات والمعلومات، كما اتبعت المنهج التجريبي مستخدمة طريقة المجموعة الواحدة. أما مجتمع الدراسة فقد تمثل في: الأنماط الشكلية للقمرية في واجهات مباني مدن صنعاء، وذمار، وإب؛ الفن التشكيلي اليمني المعاصر؛ طلبة قسم التربية الفنية المرحلة الجامعية مقرر التشكيل المجسم (نحت وخزف) قسم التربية الفنية كلية التربية جامعة ذمار.

 

واختارت الباحثة ثلاث عينات لإنجاز الدراسة: عينة حصصية/ نماذج من الأنماط الشكلية للقمرية بطريقة مقصودة وتقسيمها تبعًا للأبعاد الثقافية والبنية التركيبية والتشكيلية للقمرية؛ عينة عشوائية من الأعمال التشكيلية التي تناولت بنية الأنماط الشكلية للقمرية، كدلالة تشكيلية ورموز بصرية في النمط الثقافي التشكيلي اليمني المعاصر؛ عينة محددة ومقصودة من طلبة التربية الفنية، مقرر تشكيل مجسم مستوى ثان ورابع بقسم التربية الفنية كلية التربية جامعة ذمار العام الدراسي 2018-2019 الفصل الثاني.

 

التفكير الإبداعي...

 

تكونت الأدوات الإجرائية للدراسة من "استمارة دراسة القيمة الجمالية للأنماط التشكيلية للقمرية كعمل تشكيلي مجسم"، و"استبانة مقياس الذائقة التشكيلية لدى طلبة قسم التربية الفنية المرحلة الجامعية مقرر التشكيلي المجسم"، وبرنامج تعليمي أكاديمي لتنمية الذائقة الجمالية لدى طلبة التربية الفنية المرحلة الجامعية قائم على جماليات الأنماط الشكلية للقمرية، امتد لمدة (36) ساعة على مدى شهر تقريبًا من الفصل الثاني للعام الدراسي 2018- 2019.

 

وتركز فلسفة البرنامج على تنمية مهارة التفكير المعرفي والفلسفي وتوجيه الذائقة الجمالية لدى الطلبة المستهدفين والتأكيد على الهوية الجمالية المعاصرة للمجتمع، وتنمية مهارات التفكير الناقد بدراسة وتحليل جماليات الأنماط الشكلية للقمرية دراسة نقدية تشكيلية، وتنمية مهارات التفكير الإبداعي والإنتاج الفني وصولا إلى تأكيد ارتباط المنطلقات الفكرية والفلسفية لنظريات التربية الفنية المعاصرة بأساليب فلسفة التعليم الجامعي المعاصر.

 

وتطمح أسس بناء البرنامج التعليمي الأكاديمي (المقترح) لتنمية الذائقة الجمالية لدى طلبة التربية الفنية قائم على الأنماط الشكلية للقمرية، لتحقيق هدفين اثنين، الأول معرفي: تكوين الثقافة الفنية والخبرات العلمية بما يسهم في تشكل لغة حوار بصري لدى الطلبة المستهدفين. والهدف الثاني، وجداني: تكوين القيم والخبرة الجمالية كمنطلق فكري فلسفي لدى هؤلاء الطلبة.

 

وخلصت الدراسة إلى أنه توجد علاقة ارتباطية إيجابية بين الذائقة الجمالية للفنان التشكيلي والأنماط الشكلية للقمرية تثري النمط الثقافي والتشكيلي اليمني المعاصر من خلال النقاط الآتية: (البنية التركيبية للأنماط الشكلية للقمرية لها دلالات ورموز زخرفة وأشكال تجريدية؛ لها أساليب واتجاهات تشكيلية تجريدية معاصرة؛ أسهمت في تشكل لغة الحوار التشكيلي المفاهيمي والفلسفي لدى الفنان التشكيلي اليمني المعاصر؛ أثرت اتجاهات وأساليب النمط الثقافي والتشكيلي).

 

صورة ثقافية للمجتمع

 

وفي تناولها لـ"الأنماط الشكلية للقمرية في البنية التركيبية للفن المعماري اليمني"، ناقشت الدراسة علاقة تنوع الأنماط الشكلية للنوافذ في واجهة البناء الشكلي للعمارة اليمنية والأنماط الشكلية للقمرية بأنواعها: (القمرية؛ المشربية؛ الشاقوص؛ النافذة "الطاقة"؛ النافذة "الكاذبة").

 

وفي مناقشتها لدور الصورة الثقافية للمجتمع في تشكل الأنماط الشكلية للقمرية اليمنية، تناولت الدراسة ثلاثة أنماط شكلية للقمرية هي: القمرية الرخام؛ القمرية الزجاج الأبيض؛ القمرية الزجاج الملون.

 

كما قاربت الدراسة مسألة انعكاس المضامين الأيديولوجية على الأنماط الشكلية للقمرية: (قمرية دائرتين؛ قمرية دائرة؛ قمرية نصف دائرة؛ قمرية دائرة مستطيلة؛ قمرية مربعة؛ قمرية مفردة؛ قمرية مزدوجة).

 

كما بحثت الدراسة في القيمة الجمالية للأنماط الشكلية للقمرية: (اللونية والضوئية وجمالية الأرضية والشكل). وتناولت الدراسة البنية التركيبية للأنماط الشكلية للقمرية: (قمرية الرخام؛ قمرية الزجاج المشجر؛ قمرية الزخارف الجصية المعشقة بالزجاج الملون "العقود الملونة").

 

وتناولت أيضًا، تقنيات وخامات الأنماط الشكلية للقمرية، التي تقوم تقنيتها الأولى على استخدام ألواح من خامات الرخام الأبيض الشفاف، والثانية تقنية "العقود الملونة" وهي الزخارف الجصية المعشقة باستخدام الزجاج الملون.

 

لوحات من التشكيل اليمني

 

وفي حين قاربت أثر الأنماط الشكلية للقمرية، وتشكيلها للذائقة الجمالية للفنان التشكيلي اليمني المعاصر، عبر حزمة لوحات فنية من التشكيل اليمني تضمنتها مسودة البحث، عرضت الدراسة

 

أيضًا، الأنماط الشكلية للقمرية في مجال الفنون التطبيقية كوحدة معمارية وقيمة نفعية متمثلة في نوافذ واجهات البناء المعماري، وفي التحف والهدايا السياحية، وتلك الأنماط التي تعد علامة تشكيلية قيمة ونفعية، وهنا تعرض الدراسة ثلاثة شعارات رسمية وغير رسمية هي: (شعار صنعاء عاصمة للثقافة العربية عام 2004؛ شعار الجالية اليمنية في أميركا؛ شعار الجالية اليمنية في برلين وبراندنبورغ).

 

وتستعرض الدراسة أنماطًا شكلية للقمرية في مجال الفنون الجميلة، كدلالة تشكيلية، ورمز بصري ذي قيمة جمالية، وكتقنية خام ذات جمالية، كما تعرض (الدراسة) بالصور الحية ملامح من "البنية التشكيلية التجريدية في الأنماط الشكلية للقمرية"، عبر نماذج مصورة تبرز: التجريدية الحركية؛ التجريدية النقائية؛ التجريدية الطبيعية؛ التجريدية الهندسية؛ التجريدية وخداع البصر؛ التجريدية الأبجدية.

 

وفي عرضها لموضوع "انعكاس البنية التركيبية لجماليات الأنماط الشكلية للقمرية في تشكيل الدلالة التشكيلية، ورمز بصري للصورة الثقافية للفن التشكيلي اليمني المعاصر"، تستشهد الباحثة بصور للوحات تشكيلية لفنانين يمنيين: (انطباعية؛ وحشية؛ تعبيرية؛ تكعيبية؛ تجريد فلسفي؛ تجريد شكلي؛ مفاهيمية).

 


تعليقات
square-white المزيد في ثقافة وفنون