آخر الأخبار

حال عدن في رمضان

الأحد, 26 مارس, 2023

يستقبل أبناء عدن شهر رمضان بأجواء احتفائية متنوعة تتوزع بين الأهازيج الترحيبية وتزيين المنازل والأحياء وتنظيفها رغم الظروف الاقتصادية الصعبة , هذه المدينة الأكثر معاناة من أي مدينة يمنية بسبب الحرب القذرة وتداعياتها.

  عدن تعاني كغيرها من مدن اليمن من نتائج الصراع الذي طال مداه , وأسقط الكثير من حقوق المواطن , الذي صار النقطة الأضعف , ويعاني ويلات الحرب , الحرب التي أسقطت العقد الاجتماعي , الدستور والقوانين المنظمة للمسؤولية , والحقوق والواجبات , وصارت البلد تحتكم لسلطات أمر واقع , معظمها ما لم تكن جميعها , لا تحترم سيادة القانون , وتحولت المسؤولية , لفرصة لابتزاز الناس والارتزاق , والنتائج وخيمة على المواطن والمجتمع والوطن.


انتشر الفقر المدقع , والتدهور الاقتصادي الحاد , ونقص الخدمات العامة ومنها التعليمية والطبية , والقهر والظلم والكراهية والعنصرية , التي سببت أسوأ أزمة إنسانية في العالم , ما دفع بعدد كبير من السكان للنزوح , بحثا عن كرامة واستقرار ولقمة هنيئة.
اليوم المواطن في عدن يتعرض لكارثة إنسانية , راتبه لم يعد يفي 25% من متطلباته اليومية الذي تبقيه حيا يتنفس , من أول يوم رمضان شهر الرحمة والبركة والخير , يتفاجأ المواطن ان سعر الحبة الدجاج المذبوح ارتفع من 5000 ريال إلى 7000 ريال , في مدينة ساحلية لم يعد بمقدرة أبنائها تناول وجبة سمك , غذاؤهم الشعبي منذ عرفوا أنفسهم على هذه الأرض , والارتفاع الجنوني لأسعار الخضروات , والسبب أنها تأتي من المناطق الشمالية , ووساطة جنوبية , أو بمعنى ابتزاز جنوبي , ونقاط عسكرية منتشرة على الخط العام , تعيش على جبايات ابتزاز التاجر , الذي يضطر ليرفع سعر السلعة , وهو ابتزاز للمواطن.
لا يقتصر الابتزاز على تلك السلع فقط , ومدراء المديريات يفرضون جبايات غير قانونية على المحلات التجارية , ومضايقات مختلفة للتجار الغرض منها (ادفع ), وكلها غير قانونية , تحسين منظر المدينة من رصف , وواجهات المحلات , وكاميرات تصوير الشوارع , كلها تضاف لسعر السلعة , ويتحملها المواطن , بينما تسأل أين مردود إيرادات عدن ؟, لا تجد جوابا كافيا , وهي طبعا تذهب هباء ولجيوب الفساد , الطبقة التي تنمو اليوم ثراء , و تتحول لطبقة رأسمالية جشعة , حولت حياة المواطن لجحيم وعذاب.
وعندما تبحث عن سبب هذا الجحيم والعذاب , ستجد أن المدينة تفتقد سيادة القانون , وسلطة تديرها بالنظام والقانون.

اليوم معظم أضرار عدن من قرارات غير قانونية , وسياسات خارج إطار القانون , وسلطة لا تعي مسؤوليتها , وصراع أفقد الدولة دورها الحقيقي في خدمة المواطن , وغيب دور المؤسسات الرقابية والمحاسبية , بل غيب سلطة المؤسسات , المدينة تحتكم لمجموعة عسكر , يسيطرون على مفاصل الحركة فيها , وخروج البضاعة من باب الميناء حتى وصولها للمشتري , بارتفاع جنوني بسبب الجبايات والاتاوات والابتزاز الغير قانوني للراس المال وبالتالي انعكاسه على المواطن.

المواطن المعذب والذي يعيش جحيم هذا الوضع , تحول اليوم لمتسول , ينتظر سلة غذائية , معظمها مواد تالفة , لتتحول وسيلة ابتزاز سياسية قذرة , كما حدث لتوزيع سلة غذائية لأشرف طبقة في المجتمع وهم المعلمون , رسل العلم والثقافة الإنسانية , تقدم لهم مواد مسممة , مانجا وفول منتهي الصلاحية , صدم بعضهم بمجرد فتح العلبة , والروائح النتنة التي انتشرت , بنتانة من تبرع بها , ومن وزعها , هل يراد قتل الناس بتلك المواد , أو تعرضهم للأمراض , وهو استهداف واضح للمعلم والتعليم ورسالة النور التي تضيء العقول , استهداف لعدن كمنبر علمي ثقافي وفكري.

أتمنى من الله عز وجل أن يحفظ معلمي عدن وحملة رسالة العلم فيها من كل مكروه , ويحفظ عدن وأهلها من شر هؤلاء شياطين الابتزاز والارتزاق , لتبقى منارة ثقافية وفكرية , تشع نورا من العلم والثقافة الإنسانية , لتواجه العنف والبندقية , والابتزاز والارتزاق , الذي حول الناس في عدن لضحايا مستهدفين.
 

المقال خاص بالمهرية نت