آخر الأخبار
ثقافة النكاية وتدمير وطن
الأنكى من الجاهل هم أنصاف المثقفين، أصحاب الوعي السالب والثقافة المضادة للإصلاح والتقويم، الذين يستدعون الماضي نكاية بالحاضر، وينظرون لأي حالة تغيير وتحول منشود، من منظار الذات والمصالح الضيقة.
ثقافة النكاية التي تحكم اختيارات البعض اليوم، لا تقارن بين الجيد والأجود، بل بين الرديء والأرداء، وقد فاز البعض بوظائف ومواقع لا يستحقها بحكم ثقافة النكاية، فتسيد ذوو القربى على الكفاءات، وسادت السلالية على الإجماع.
من خلال متابعة خطاب النكاية اليوم لا وجود للدولة الجامعة فيه، ولا مصطلح الجمهورية، والديمقراطية والتعدد السياسي، هو خطاب يبحث عن دولة الذات والسلالة والمنطقة والجغرافيا، يبحث عن فرض أمر واقع أولاً، يستطيع من خلاله أن يسيطر على الإعلام والثروة والقرار، ومن ثم يصيغ برنامج السيطرة والتمكين، وديمقراطية مركزية، وتعدد سياسي يخدم النهج، ويحفظ مكانة الزعيم، ونفوذ سلالة، وترتيب وضع السلطة والسلطان، والبقية عبيد أو رعية.
اليوم تتضح رواسب النكاية، وتحقق أهدافها العاجلة والثأرية، كلا يبحث عن دولته الخاصة، فحضرموت اليوم تعلن أنها دولة، نكاية بمشروع الجنوب العربي الذي أعلن نكاية بالجمهورية اليمنية، ولم يستوعب رفض شريحة كبيرة من أبناء حضرموت وغير حضرموت له، ومصرّ على المضي بفرض أمر واقع، كما فرض في عدن، وعدن أيضاً اليوم تعلن عن رفضها للأمر الواقع الذي تعيش مرارته وبؤسه وواقعه الاسي، من خلال ائتلاف أبناء عدن، الذي يطالب أن تكون لعدن حقوق سياسية تحفظ خصوصية عدن الثقافية والاقتصادية، وكثيراً من المناطق التي تقاوم رواسب النكاية والعنف.
في تحليل الظاهرة، نقول إنها نتاج لمؤامرة كبيرة، مؤامرة تمزيق اليمن، هذا المارد الذي انطلق داعماً ومسانداً لأي مشروع عربي إسلامي تحرري، يبحث عن الاستقلال ومجارٍ لتطورات العصر، في محيط مغلق بحكم السلالة والتمايز الاثني والطبقي، يعيش نهضة كرتونية من المباني الاسمنتية، والبهرجة الكذابة، لم تستطيع ان تصنع انسان حر وكفؤ له حقوق و وجبات، ولا دولة محترمة تحترم أدمية البشر والحقوق الإنسانية، وهي ترتعب من النهضة الإنسانية على حدودها.
ولهذا لعبت على التناقضات، وصنعت تحالفات الأعداء، في جدلية تدعم أدوات سيكولوجيات التخلف والتعصب والقهر، دعم تلك المحاصيل السوداء التي تنتج لنا اليوم، التشكيلات العسكرية والقوة الضاربة، التي تستطيع فرض أمر واقع، تتفوق فيه السلالة والمنطقة وجهوية.
وللأسف أن درجة الاستبصار لا يملكها المتخلفون، أصحاب سطوة تصنيف الناس لمناطق وأعراق وهويات ضيقة، يذرون بذور الكراهية والعنصرية في المجتمع، ليتحول المجتمع لقطيع من العميان، يرددون ما يملئ عليهم.
ما يدور اليوم لا علاقة له بالسياسة، او حتى شجونها وبهلواناتها، هو لعب المتخلفين والجهلة والأنذال، لغرض تدمير الانسان في هذا البلد الطيب، بإفرازات ثقافية، تهد الحالة النفسية ومعنويات الناس بقيمهم وأخلاقياتهم ومبادئهم ( بالثورة والجمهورية والوحدة ) منزوعين الهوية التاريخية، ليكونوا مجرد رقيق في مشروع عنصري قذر، مشروع سينهار على رؤوس أصحابه، مموليه ومخططيه ومنفذيه، وسينتصر الحق وينتصر اليمن بأذنه تعالى، وإن غداً لناظره لقريب.