آخر الأخبار

الفساد .. أزمة أخلاقية

الأحد, 11 ديسمبر, 2022

الفساد آفة خطيرة استشرى لهيبها في بلدي اليمن جنوبا وشمالا ، وانتشر انتشار النار في الهشيم , نار الصراعات البينيه  والحروب العبثية , والتقاسم والمحاصصة,وسيناريوهات إعادة تموضع للفاسدين , وتفريخها للهدف المرسوم , وهو التدمير .

  لا نحتاج الميكروسكوب  للبحث عن الفاسدين , في واقع هم أدواته ومدبره , وهو انعكاس حقيقي لفسادهم الأخلاقي المنتج للفساد المادي والمعنوي.

  للأسف أقولها كمواطن , لا أراهن على المنظومة السياسية القائمة ( سلطة أو معارضة ), هي منظومة واحدة تتمحور في عدة أشكال , نحو فرض أمر واقع لا مكان فيه لتطلعات الناس في تغيير حقيقي وتحول منشود , لاحظ إنجازها الوحيد هو تحييد فكرة الدولة من المشهد السياسي , وتدمير مؤسساتها وأدواتها التنموية , ليكن البديل الفوضى العارمة والعبث , وزرع أدوات فاسدة ومفسدة , لخدمة مشروع التدمير , في البدء بصناعة أدوات الموت ,وتعطيل مصادر التنمية والايراد , وفرض أجندات التجويع , لتحويل البشر لرعاع من المتسولين على أبواب المنظمات والإعانات , و خلق بيئة ملائمة للفساد والفاسدين محمية بنفوذ وسلطة وشعار وراية , ومسرحيات هزلية لإنتاج سلطة التقاسم والمحاصصة , التي لا مجال فيها الكفاءة والاقتدار , سلطة ترفع من شأن الفساد والفاسدين , ولصوص الشوارع , وبقايا مخلفات فساد النظام , لينتج لنا منظومة الفساد القائمة اليوم ورائحتها النتنة التي تزكم أنوفنا و تخنقنا .

المشهد بكل وضوح , في من تحسنت أحوالهم , وارتفع شأنهم , حينما جاع الناس , وتم إهانتهم وإذلالهم , هكذا هو الفساد .

  لا نحتاج لتسريبات المنح الدراسية , ولا للوظائف الدبلوماسية , لنكشف الفاسدين ,فالكل غارق بالفساد الوظيفي والسياسي والاقتصادي , الفساد واضح في سيماهم في وجوههم وكروشهم والعنطزة والعنجهية , والقتل والانتهاكات , في الخروج عن القانون والنظام , وتغييب الدولة  .

في هذا الواقع الفاسد , الطارد للنزاهة , فكل شريف وطني متعفف , لا مكان له في المنظومة , إلا إذا كان مجرد مزهرية لتجميل صورة الفساد , وهم قله ممن قبلوا بهذا الدور , والكثرة الصامتة اليوم , صمتها هو حذر من الغرق في وحل الواقع , وسخط ينتظر الوقت المناسب ليطهر البلد من ذلك الوحل.

كل ما يشاهد اليوم هي مسرحيات سمجة , تديرها منظومة الفساد , وتفتح زوايا حادة لتكبير صورة من صور الفساد , كحملة إعلامية , تغطي على صفقات فساد أكبر , مسرحيات تتوه الناس عن حقيقة الفساد , ممثليها فاسدون وداعميها فاسدون , في حرب فاسدة بين قوى فاسدة  , وجماهير تاهت و تنتظر بزوغ فجرا تتنفس فيه حرية وروائح عطرة من الاستقلال والسيادة والإرادة , تصفق وتسخر , وقد شبت عن الطوق , و تتوق للحرية ,وان غدا لناظره لقريب .

أزمتنا اليوم هي أزمة أخلاقية , إنما الأمم الأخلاق ما بقيت...فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا , الأخلاق هو المكابح التي تصون المجتمع من الفساد , إذا فقدت تلك المكابح قدرتها على فرملة النفوس المريضة , فالنتيجة فساد وإفساد .

فقدنا مكابح ضبط النظام السياسي والاقتصادي , وبالتالي تحول السياسيون لمجرد لصوص , وتجار عملة , تهرب العملات الصعبة للخارج , واختلاق أزمات اقتصادية وسياسية , لغرض ذاته فتح استثمارات كبيرة في دول الجوار , بينما يتم تضييق الخناق على الاستثمار في الداخل , تقرير واحد كافي من مصر او الأردن او تركيا او ايران , لتعرف هوامير الفساد.


محاربة الفساد يحتاج لاستعادة الدولة ومؤسساتها الضابطة والرابطة , وتفعيل قانون  “من أين لك هذا” الذي يسمح بمراجعة مستويات معيشة المسؤولين والموظفين , ممتلكاتهم في الداخل والخارج .

دولة محترمة بأدوات محترمة ومؤسسات محترمة , مصانة من الفساد , ولا تسمح بالتسيب , فالمال السائب عرضة للسرقة , وذلك بتفعيل دور النظام والقانون , وحماية سلطتهما , وتفعيل دور المحاكم ودور النيابة , و هيئات مكافحة الفساد , والبدء بتقديم كبار الفاسدين للمحاكم , قبل الصغار.

كل هذا يتم بالتوازي مع تحسين المستوى المعيشي للناس , رواتبهم حقوقهم معيشتهم , أي تجفيف أي منابع الفساد , وتجريف أي بيئة تساعد على انتشار الفساد , وهذا لن يتم إلا بخطط استراتيجية فاعلة لانتعاش اقتصادي سريع , وتوفير البيئة الاستثمارية وحماية حقوق الناس , وتوفير الظروف الملائمة لتعزيز النزاهة والشرف وحماية أصحابها , أي حماية كل دعاة محاربة الفساد , ولن يتم ذلك دون استقرار وأمن وأمان.


*المقال خاص بالمهرية نت* 

الحرب ومصير الأمة
السبت, 21 ديسمبر, 2024