آخر الأخبار
المواطن وحرب المصالح
لازالت الحرب جاثمة على صدر الوطن , حتى وإن توقفت المعارك.
ولازالت تُسيد لنا أدواتها العنيفة , على حساب أدوات الدولة.
ولازال طموح وتطلع نفوذ الحرب , يطغى على طموح وتطلع الشعب , والناس البسطاء , الذين يبحثون عن لقمة هنيئة وكرامة وعدالة وحرية ومواطنة .
مشهد اليوم تتصدره القوى المؤثرة عسكريا على الأرض , والتحالف يعيد تموضعها بما يخدم أهدافه , لم يخرج تشكيل المجلس الرئاسي عن تلك الأهداف والأجندات , ووضع حدود جغرافيا لكل طرف , وخطوط تحركه , لتسهيل تفكيك الدولة اليمنية , لمجموعة كنتونات من الدول أو الأقاليم الضعيفة والهشة , أو بالأصح المرتهنة لأجندات إقليمية , والصراع الدولي القائم على مصادر الطاقة .
ما يحاك من سيناريو على الأرض , يصب في السيطرة على مصادر الطاقة , وحماية تلك المصادر بقوى مرتهنة وتابعة , تسمح للدول الطامعة استغلال تلك المصادر في حربها الإقليمية والدولية , وهو استعمار مبطن , المستفيد منه قوى داخلية وخارجية , و المتضرر هو الشعب وعامة الناس .
المستفيد المحلي , هم الجماعات المرتهنة للدول المكلفة بتنفيذ ذلك السيناريو , هم جماعات تم توظيفهم لخدمة الأعداء , توظيف استغل رغبتهم في التخندق العسكري , لتنفيذ ما يردونه , وتمكن التحالف من استغلال هذه الرغبة , ليصنع خنادق عسكرية تحت السيطرة , بعد أن استطاع تجريدها من أدوات القوة الضاربة من السلاح القديم , ليمونها بأدوات حرب العصابات , ويزج بها في معارك عبثية , ويصنع انتصاراتها بطيران واستخبارات دولية وصهيونية.
هم أنفسهم في الشمال والجنوب , مع اختلاف الداعم وطريقة الدعم , وجميع قيادتهم اليوم مثخنة بالانتهاكات ومشبعة بالمال الحرام , فسدوا وأفسدوا الواقع , وعطلوا سبل الحياة , وحق الناس في العيش الكريم , هم سبب الغلاء والبلاء وغياب الراتب , وسبب انهيار الخدمات , وانتهاك حق المواطنة.
الناس تبحث عن الدولة , وهي ضائعة بين صراع المليشيات , التي تتفاخر اليوم بعروضها العسكرية , وتتصافح في اللقاءات المكوكية , ونسمع عن هدنة , ولا نجد ما يؤشر لدولة , وحق الناس في الاختيار والإرادة , ليقولو كلمتهم الفصل في من يحكمهم , ومن يقود تغيير حقيقي لتحول ينشدونه ويتطلعون إليه منذ نصف قرن وأكثر .
باختصار كل ما يدور لا يعني المواطن , بل يعني قوى العنف والنفوذ الذي تخلق بفعل الحرب , يعني أعداء الأمة في الإقليم والعالم , نحو تشظي اليمن , والسيطرة على مصادر الطاقة , والممرات المائية , والثروات السمكية والمعدنية , والمحاصيل الزراعية , وهذا ما يفسر اليوم ارتفاع أسعار السمك في بلد غني بالثروة السمكية ويمتلك أطول شريط ساحلي في المنطقة , وارتفاع ثمن الخضروات ومنها البصل والطماطم والبطاط , وسقوط قيمة الريال ( رواتب الموظفين الصغار والعمال) أمام العملات الأجنبية , التي هي رواتب كبار موظفي الدولة من الفاسدين , كل هذا خلق جوع ومجاعة , والناس لم تعد تستطيع ان تسد رمقها بوجبة غذائية من ابسط وارخص المواد .
الجوع كافر , والغضب الشعبي قادم , والجوعى لن يرحموا الفاسدين والمفسدين والمرتهنين لأجندات جوعهم وعذابهم , وتدمير سبل حياتهم , وخدماتهم , وحقوقهم وكرامتهم , الناس لم تعد تملك غير أن تغضب لتنقذ أولادها من الجوع والمجاعة.
** المقال خاص بالمهرية نت **