آخر الأخبار
أسئلة الثورة والجماهير
هناك أسئلة كثيره تدور في أذهان المتطلعين للمستقبل في المنطقة العربية , لو ركزنا اهتمامنا على الإجابة عليها , واستنباط جذر الفشل القائم , لتجاوز واقعنا المهين .
لماذا فشلت الدولة الوطنية في المنطقة العربية في تحقيق أهدافها السامية ؟
ولماذا تفشل كل الثورات العربية التصحيحية في تحقيق أهدافها ؟
هذا الفشل واضح في انهيار أكثر وضوحا صنعه المستعمر في سياسة فرق تسد لتدمير فكرة الدولة الوطنية , على حساب دويلات تم تأسيسها من قبل المستعمر لمقارعة هذه الفكرة, وفرض قناعات أن الدول التي تحكمها أسرة هي أكثر نجاحا .
سياسة مرسومة بدقة , من قبل الدولة الاستعمارية والصهيونية العالمية , لاستبدال الاستعمار التقليدي , باستعمار سياسي واقتصادي , وبدل المستعمر الغازي , بمستعمر محلي متوج من قبلهم ومدعوم استخباراتيا وعسكريا وسياسيا.
وعندما ثارت الجماهير لتصحيح أوضاعها , فهي لم تواجه منظومة سياسية محلية تحتاج لإصلاح , بل واجهة سياسة استعمارية داعمة لتلك المنظومة.
ثورة الربيع العربي كانت في مواجهة سياسة استعمارية وأدواتها المزروعة في المنطقة , وكنا في اليمن أسوأ حظا , أن تلك الأدوات الاستعمارية تحيط بنا , و مخالبها المسمومة داعمة بشدة للنظام , وهي اليوم داعمة للثورة المضادة.
33 عاما من نظام مرتهن للاستخبارات الأجنبية , استطاع بناء روابط وأدوات عمل استخباراتية ,وتحالفات مشبوهة , وهيئ البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية , فعزز التناقضات السلبية , والشروخ الاجتماعية , والفوارق الطبقية , والنزاعات القبلية والمناطقية , وأفقد كفة التوازن الطائفي قدرتها على أن الارتقاء الإيجابي للتنوع , وعندما ثار الناس تفجرت كل تلك السياسات في وجوههم , وتحركت الأدوات , و وجدت المبررات للتدخل السافر , وها نحن في وضع لا يحسد عليه , تحاول الثورة المضادة أن تعود وبقوة , محمولة على أكتاف أدوات ثورية ارتهنت , وعقول شعبية غررت , ونفوس ضيقة استسلمت , ونخب مثقفة صمتت , ولازلنا ولازالت ثورة الحق تقاوم , والانتصار مرهون بصحوة , تعيد للثورة وهجها.
هل تدرك الجماهير في الشمال والجنوب , حجم هذه المؤامرة التي تستهدف مصالحهم وتطلعاتهم المستقبلية , وتجاوز حالة العنف لحالة السلام والاستقرار , و حالة الانقسام الذي تغذيه المؤامرة , إلى حالة التوافق على وطن يستوعب الجميع , حالة التقاسم والمحاصصة لحالة الكفاءات والمهارات والمهنية , لاستعادة فكرة الدولة ومؤسساتها ,لتهيئ الساحة لإرادة الجماهير لتقول كلمتها في حق تقرير المصير , بكل شفافية ونزاهة ليتفوق الحق عن الباطل.
ما يروج له من تهديد الأمن القومي والأمن الدولي , ومحاربة الإرهاب و الشيطنة لطرف سياسي , هي سياسة فرق تسد , وشماعة استمرار النحر والدحر , الذي نحن فيه منذ قرن من الزمن , أفشلنا دور الدولة الوطنية , وركزنا على ثاراتنا وأحفادنا و تناقضاتنا السلبية , ليتحول البعض لمجرد أداة رخيصة بيد المستعمر وأعوانه , وهو اليوم مجرد بندقية للإيجار في تنفيذ المخطط.
لن يستقر الأمن القومي والأمن الدولي , إلا باستقرار سياسي واستقرار اقتصادي , وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنظام ديمقراطي , وتفعيل دور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لصناعة تنمية سياسية و وعي سياسي واجتماعي وثقافي , دون تدخل سافر من قبل دول لم تستطع أن تقدم لشعوبها الحرية والعدالة , وحق تقرير المصير , فكيف ستقدمها لحلفائها ( أدواتها ) , أدوات يمكن وصفها تخريبية من خلال ما تقوم به على أرض الواقع .
التاريخ لا يرحم , والشعوب مهما غرر بها سيأتي يوما وتصحو , وإن صحوة الشعوب هيجان لا تستطيع البندقية أن تقف أمامها.
إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر .
المقال خاص بالمهرية نت