آخر الأخبار
مشاكسة نقابة المعلمين الجنوبيين
المعلم هو باني الإنسان , والإنسان وحده القادر على بناء الحضارات , في معركة وعي وتنوير , لبناء الشخصية الوطنية الواعية , المتعددة المواهب والقدرات والمهارات , المتفوقة بالكفاءات.. معركة فيها من التضحيات في الظروف الصعبة , كالحروب والصراعات والكوارث , يقطف ثمار جهده في تغيير حقيقي لواقع من الرخاء والنهضة , تترسخ فيه دولة ضامنة للحقوق والحريات والمواطنة , تضع المعلم في قمة أولوياتها تكريما للجهد الوطني , وأداء الواجب على أكمل وجه .
المعلم هو جندي في معركة الوعي والتغيير والتحول السياسي , والعسكري هو حامي ومدافع على كل تلك الإنجازات , وجميعها يضعون واجباتهم في أولويات مواقفهم , وحقوقهم ستقطف في مرحلة ما بعد النضال.
يتحول المعلم لعائق ضخم أمام أي تغيير وتحول منشود , عندما يترك واجبة ويركز بشكل أساسي على حقوقه , ويضع حقوقه في مواجهة مع أزمات المصائب التي تحل على البلد , بل يتحول لخصم في عملية التغيير والتحول , لا يساهم فيها الا بعد ان يملي شروطه على المجتمع قوى التحول كانت سلطة أم ثورة.
زج بالمعلم اليوم في ما يدور من صراع سياسي , وشد الحبل بين قوى التوافق على بناء الدولة , وتحديد أولويات المعركة , وترك الخلافات لما بعد ترسيخ الدولة الضامنة للحقوق والمواطنة والعدالة والحريات , وذلك من خلال تفريخ سياسي لكيانات نقابية , وفرضها بالعنف الثوري والبندقية , لتكن الحبل الذي يشد للضغط على الآخر , وهذا الحبل في الأخير مطوي على رقاب الناس , ووكل شد هو خنق الناس المتطلعين للتغيير والتحول المنشود.
النقابات التي تعلن عن إغلاق المدارس , وتهدد وتتوعد من تسول له نفسه استمرار التعليم بما لا يحمد عقباه , هذه ليست نقابات مهنية , لا في شكلها ولا مضمونها ولا جوهرها ,لا خطاب ولا هدف , ولا اعتقد انها ملتزمة بأدبيات العمل النقابي , ولا قانون العمل ودستور البلد , الذي يضع الإضراب طوعي , و الحق العام فوق كل الحقوق , والوطن فوق الجميع.
البلد اليوم يصارع المصالح الضيقة , يصارع المطامع , يصارع الفساد السياسي والأخلاقي , المادي والمعنوي , يصارع أمواج التناقضات , ودعم خارجي يصب في تعزيز الفرقة والشتات , وتأجيج الصراع , وتوافقات هشة , تنهار في لحظة محاصصة وتقاسم , كلا يشد الحبل لجهته ليحقق إنجازات خاصة في الوصول لرأس القرار , وهو يعلم أنه يزيد من حجم الاحتقان , بخنق المواطن والوطن.
وهذه النقابات التي تخلقت في حاضنة الحرب من قبل أحد أطراف الصراع , هي أداة ضغط للوصول للسلطة واستمرار نهب الثروة , هي نفسها تضع سلطة التوافق في وضعا لا يحسد عليه , وتضييق الخناق على عملية الإصلاح التي تسير ببطء شديد لحساسية التناقضات , والمشاريع المطروحة التي يمكن ان تتفجر في لحظة في وجوهنا جميعا بما فيه المعلم.
هل يرتقي المعلم بالدور المناط به , في تربية الجيل , لصناعة إنسان متعاف و واع ومؤهل وموهوب وماهر , لينهض بالبلد , القادر على أن يضع المعلم مستقبلا في المكانة التي يستحقها , وكلا يفرض نفسه بمقدار التضحيات التي يقدمها للوطن وتعافيه , وإصلاح ما يمكن إصلاحه؟
أم سيبقى طفل مشاكس مدفوع من طرف سياسي متهور بائس , لا يريد من الوطن غير سلطة والاستئثار بالثروة , والنتيجة إغلاق المدارس وتجهيل المجتمع , ولله في خلقه شئون؟!
*المقال خاص بالمهرية نت