آخر الأخبار

دعوة إلى سلوكيات منقذة

الخميس, 11 نوفمبر, 2021

   في ظل هذه الظروف العصيبة التي تشهدها البلاد من اختلال في العملة وغلاء في المعيشة وجشع التجار الذين يرفضون البيع بغير العملة الأجنبية ومشاركة التحالف والقائمين على السلطة زيادة وتيرة التجويع؛ ينبغي أن يظهر التجار الخيرين في الساحة مقدمين كافة التسهيلات التي تخفف على المواطن المجاعة وآثارها الضارة، وكذلك رجال الدين والعلماء والجمعيات الخيرية وأن يفكروا بطرق مبتكرة تنقد الشعب من المجاعة.

  وفي الحقيقة هناك الكثير من النماذج التي قرأناها في تاريخ الشعوب الأخرى نالت حظوة التاريخ وإعجاب الجميع، ومنها النموذج التكافلي في مدينة البندقية الإيطالية حيث يخصص رواد المطاعم والمقاهي شيئا من طلباتهم للفقراء فمثلا يشتري كوبين من الشاهي أحدهما على الطاولة والآخر على الحائط ويأتي الفقير ومن لا يملك المال ويطلب ما سجل على الحائط وهو عزيز النفس فهذا حقه الشرعي الذي فرضه الدين من مال الغني له.


  نموذج آخر أظنه في فيتنام أو في الصين وهو عندما حان موعد الحرب خصصت بعض المخابز والمحال التجارية ليأخذ الناس حاجتهم من الغذاء وكان من تكافل الناس واستشعارهم للآخرين أنهم ما يأخذون غير ما يسد جوعهم فقط ولا يدخرون أكثر من حاجتهم اليومية من القوت.   

  هناك من النماذج الواقعية الحالية التي رأيتها في بعض المحافظات وهي نماذج كثيرة لكني اقتصر هنا على ثلاثة نماذج فقط:    النموذج الأول: في محافظة حضرموت حيث قام بعض التجار بدعم مخابز لكي تبيع على الناس بالسعر القديم قبل زيادة العملة وفارق السعر يدفعه التاجر وربما رأى البعض مثلي هذا النموذج في حارة عبود وغيرها من حارات المكلا.  

    النموذج الثاني: في منطقة غيل باوزير حيث احدى الجمعيات بوضع صناديق في كل محل تجاري، وطبعت كروت للفئات الغير مستخدمة من العملة والتي لا قيمة لها في السلع مثل:(مائة، خمسين، وما دونهما) فإذا اشتري المواطن شيئا وبقيت لصالحه مئة ريال أو خمسين مثلا أو غيرها قام التاجر بأخذ كرت بحسب قيمة الفئة المتبقية ووضعها في الصندوق صدقة عن المشتري وفي نهاية كل شهر يقوم المختصين بحساب هذه الكروت ويأخذون قيمتها من التاجر والتي تصل غالبا إلى عشرات الآلاف وقد يكون مئات الآلف ومن ثم يعطونها إلى أسرة فقيرة، وفي الشهر التالي يعطون أخرى وهكذا.  

    النموذج الثالث: في أحد الجوامع في مديرية المعلا محافظة عدن حيث يقوم أحد الخيرين في كل يوم بشراء الروتي ويضعها في كراتين في محراب المسجد وبعد الانتهاء من صلاة العشاء يقوم المحتاج ويأخذ حاجته من الروتي وهكذا في ليلة. 

  تمنيت كثيرا أن تكون مثل هذه النماذج في سقطرى ولكن للأسف لا يوجد إلى اليوم والناس تئن من الفقر والجوع والغلاء دون أن يلمسوا أن التجار والجمعيات والمؤسسات الخيرية تضع خططا واقعية بشأنهم بل على العكس يجدون من هذه المؤسسات من يستثمر الأموال بصورهم واسمائهم دون أن يمنحوهم شيئا وإذا منحوا يمنحون ما لا يسد جوعا مجرد فتات من العيش.    ولا يعني هذا أنه لا توجد نماذج تكافلية رائعة وعظيمة الأجر فهناك الكثير منها ولكنها قد تكون مخفية لا نعلم عنها شيئا ولا يعلم بها الكثير من الفقراء كذلك ولاشك أنها تساهم في التخفيف من معاناة الفقراء والمحتاجين. 
  لكني أدعوا إلى نبذ هذا الإخفاء وينبغي أن يعثر المحتاج على مكان معروف يجد فيه حاجته كما أن هذا الإظهار من شأنه أن يحفز أناس أخرين لمنافسة مثل هذه الأعمال كذلك المشاريع الخفية قد تكون غير مستدامة بعكس المشاريع الخيرية الظاهرة فإنها تعمل بشكل مؤسسي وإداري متميز وحتى لو تخلى الداعم الأساسي عنها تفرض الضرورة البحث عن داعم آخر.


    كما أدعو الإعلاميين والخطباء إلى فرض حملة انقاد سقطرى من المجاعة الجاثمة واطلاق هاشتاق يدا بيد لكسر الجوع.
  المقال خاص بموقع المهرية نت