آخر الأخبار

تاريخ جزيرة سقطرى

السبت, 23 أكتوبر, 2021

تاريخ مجهول مازال في مخلفات الماضي وطي النسيان على الرغم من تنوعه العلمي وأدبيته العذبة يحوي الطرافة والجمال ويثير الاندهاش.. يجمع بين التراجيديا والمأساة والملهاة.

  ولكن وللأسف يتكرر هذا الإهمال ويتواصل النسيان إلى ما شاء الله من أمد ما لم يستيقظ أبناء سقطرى من غفلتهم ويجتهدوا من أجل تاريخهم.

  والحق أن هناك محاولات متعددة وإن كانت تفتقر إلى المنهجية والعلمية والتوثيق إلا أنها جهود جبارة صدرت بفردية دون تشجيع من هيئة أو حكومة وغير ذلك. 

  وليت الأمر اقتصر على عدم التشجيع بل تحول إلى المواجهة والحرب أحيانا على الكتاب والمؤرخين ومن أمثلة ذلك ما قام به الشيخ أحمد بن سعيد الأنبالي رحمه الله وهو سقطرى استوطن دولة الإمارات من البحث والتنقيب عن تاريخ سقطرى وتكلف بإصدار كتاب(تاريخ جزيرة سقطرى) بجهده وتمويله الذاتي ولكن فور صدور الكتاب قامت حوله العديد من المنازعات والخصومات ظهرت أولاً في دولة الإمارات وتوسعت دائرتها حتى وصلت سقطرى.  

ومجمل اعتراض الناس على الكتاب يدور حول أمرين أولهما: التعريف ببعض القبائل من حيث أصولها وأنسابها وانتسابها إلى سقطرى والحديث عن بعض الإشكالات التي وسمت بها تلك القبائل وهذا أثار حساسية هذه القبائل ومن تعاطف معها ضد الكاتب ولكن في المقابل دفع الكل إلى قراءته وانتشر خبره في كل الارجاء والأمر الآخر: ترجمة بعض المفردات السيكولوجية من السقطرية إلى العربية وما أثار حفيظة الناس في هذا الموضوع أن الكاتب ركز على المفردات التي تتعلق بالجانب الجنسي وما فيه من أسماء الأجهزة التناسلية ووظائفها وغير ذلك وتوسع في عرضها. 

     ومن الناحية العلمية فالأمر طبيعي جدا وكثير من الترجمات فعلت ذلك وليس الكاتب هو أول من ابتدع هذا الأمر ولكن جهل الناس بأهمية التوثيق جعلهم يتهجمون على الكاتب والكتاب، وهذا من وجهة نظري ناتج عن قصور في المعرفة يقال من جهل شيئا عاداه.

     وهناك توضيح لابد منه وهو أني كما أنصفت الكاتب لابد من إنصاف قول الحق من تكلم على الكتاب فمعهم الحق أيضا فالكتاب تأريخي وليس معجمي والأصل أن يوثق التأريخ من جوانبه المتنوعة السياسية والتاريخية والاجتماعية والعلمية... على شكل سلسلة من الأحداث التاريخية ولذلك لا نعرف ما العلاقة بين ترجمة المفردات والأحداث التاريخية خاصة وأن الكاتب لا يترجم قصة أو رواية أو حدث يجبره على تفسير كلمات معينة وترجمتها بل هناك انفصال وعدم تناسق بين الموضوعات ولا يفهم من ذلك أني أعارض الترجمة بالعكس بل أدعو إلى ترجمة كل مفردة سقطرية واصدار معجم يحتويها جميعا في ظل ظروف ملحة تدعو إلى ذلك ولكن ندعوا إلى المنهجية العلمية في التأليف.

  والكتاب احتفى به الكثيرون في الداخل والخارج فالكتاب مصدر مهم ووثيقة هامة في تاريخ سقطرى وهو فريد بأسلوبه وعرضه وينبغي من كل باحث أن يرفع إلى آيات الشكر والعرفان ودعوات الرحمة والغفران للكاتب. وقد تهيأ لي قبل أيام حضور مناقشة رسالة علمية بعنوان:(The History of socotora Island) (تاريخ جزيرة سقطرى) وهي ترجمة لكتاب تاريخ جزيرة سقطرى قدمها الطالب سعيد سالم عبدالرحمن السقطرى في جامعة عدن فسم الترجمة نال عليها درجة الامتياز ونال إشادة كافة أعضاء لجنة المناقشة. وما أدعو إليه هنا أنه ينبغي على كل الباحثين والدارسين والكتاب والمؤرخين الاهتمام بتاريخ سقطرى وتدوينه خاصة وأننا نعاني من ضياع كثير من الموروث التاريخي والمفردات والعادات والتقاليد وكذا لا نمتلك مؤرخين ولا مؤسسات تهتم بهذا المجال.
    المقال خاص بموقع المهرية نت