آخر الأخبار
إرهاب عدن
إشعال شرارة الحرب , يفتح مجالا واسعا لقوى العنف بكل أشكالها لتتصدر المشهد , وتهيئ البيئة المثلى للإرهاب بكل أنواعه , الفكري والمعنوي والجسدي , حينها البندقية هي التي تحكم وتتحكم , في هكذا واقع من السخرية بمكان الحديث عن محاربة الإرهاب , فالإرهاب يحكم ويتحكم بذلك الواقع .
ما حدث من اشتباكات في الشيخ عثمان / عدن , كما قال أحد إعلاميي الانتقالي في أحد القنوات شيء طبيعي يحدث في كل العالم , واعتبرها أخطاء وسوء فهم وعدم تدبير , دون أن يهتم بالضحايا وما خلفته تلك الاشتباكات , وما أحدثته من ترويع للسكينة العامة , و الإسقاطات النفسية والروحية على المواطنين , والتشوهات الفكرية والثقافية على القضية , وخذلان الحاضر والولوج للمستقبل.
هذه هي أجندات القوى التي تخلقت في واقع الحرب , وما يساندها من إعلام ونشاط سياسي وفكري وثقافي مشوه , لن يجدوا أنفسهم خارج بيئة الحرب , هم طفيليات نمت وتغذت في الحرب , والحرب وظيفتهم الرئيسية , فتجدهم يدافعون عن العنف , وأدوات العنف , ويبررون لنتائجها وتداعياتها , بل هم جزء من ذلك العنف , بالتالي جزء من إرهاب العنف , مدافعين مستميتين عنه وعن أدواته.
كان الإرهاب يتدثر بالمظالم ,حيث اضطرار الحاجة للدفاع عن النفس والحق بالعمليات الانتحارية , التي تشبه لحد بعيد العمليات الإرهابية , واتخذ بعضهم من الدين رداء , عرفنا الإرهاب بالغلو والتطرف , عرفناه في الخصومة الفاجرة وكره الآخر , ونراه اليوم واضحا أمامنا متدثرا بأحلامنا وتطلعاتنا , بتطرف أعمى , وشحن وتحريض على المختلف والغير , بتوظيف كل تلك الأحلام والتطلعات , لدعم مشروع متطرف لفكرة , لا يقبل التنازل عنها او حتى التحاور حولها , يشتط عنفا في لحظة نقاش يدحض فكرة المشروع , بل لا يقبل النقاش في ذلك , ويسوق لتصنيف الأفكار الأخرى بمزاج إرهابي , واتهام وتخوين بل وتكفير , إنه الإرهاب بعينه , وهو الشيء المؤسف .
في واقع العنف , لا يحتاج الإرهاب أن يتخفى , فلديه كل مبررات الظهور والتبجح , وفرص التنفيذ , فرأينا إرهابيين يتصدرون المشهد , وهم اليوم محميين أكثر من أي وقت مضى بالثورية , بعد أن تم توظيف الحرب إقليميا ودوليا , ودعم القوى الأكثر تطرفا , العمل على التناقضات , تم توظيف الحوثيين للتخلص من الإصلاح , ومن ثم تم توظيف السلفيين للتصدي للحوثيين , وتوظيف القضية الجنوبية , ضد الدولة الاتحادية , كل هذا التوظيف يصب في خدمة الثورة المضادة وحلفائها الاقليمين ومن خلفهم الدولة الرأسمالية و الاحتكارات الامبريالية والاستخبارات الدولية والصهيونية , واختلط الحابل بالنابل , فاشتغل السلفي موظف عند الصهيوني , واشتغل الليبرالي والعلماني موظف عند العقائدي والاثني , واشتغل الإرهابي بوظيفة ثوري , وذابت القوى المدنية في زوبعة من العنف , وتحول الجميع لإرهاب بعضهم بعض , وضاعت القضية , وضاع وطن , وفقد الانسان انسانيته والمواطن حقه بالحياة , والإرهاب يحارب الإرهاب بمفارقة عجيبة.
وجثم العنف وأدواته الإرهابية على مدن اليمن , ومنها عدن , واحداث الشيخ عثمان ليست الأولى ولن تكون الأخيرة , في ظل واقع العنف وأدواته وفيروساته الخبيثة , التي تعكر صفو المدينة , وترعب أبناءها وترهب السكينة العامة , وستبقى عدن تعاني في ظل واقع العنف , تعطل مرتكزاتها الاقتصادية , وتنهب إيراداتها , تتحول لمجرد مدينة فيها مصالح وأطماع قوى العنف , لن تفرط بتلك المصالح ولن تتنازل وأطماعها بسهولة , ما دامت البندقية بيدها والفكر الإرهابي المتطرف وسيلتها , والشكل العام والشعار مجرد رداء يتدثرون به .
الحل هو إيقاف الحرب , وإنهاء كل مبررات تلك الحرب , وتجريد تلك القوى من أدواتها , ويعود الجميع شركاء في وطن يستوعب كل أبنائه , كلا بوظيفته ومؤهلاته , في تفعيل صادق وحقيقي لمؤسسات الدولة والنظام والقانون , والقضاء والنيابة , و الرجل المناسب للموقع المناسب , وتنتهي حالة العبث والعشوائية والباطل , ليعود الحق لأصحابه ومستحقيه.
المقال خاص بموقع المهرية نت