آخر الأخبار
عدن فوق صفيح ساخن
لا شيء في حياتنا وعلاقاتنا يخرج عن المصالح المادية والروحية والعقلية شريطة أن لا تتضارب المصالحة الشخصية مع المصالح العامة.
وأن لا تتفوق الأنا والأنانية عن الوطن وقضايا الأمة ومصالحها الاستراتيجية.
حتى لا تفسد السياسة , وتتحول لمهرجان اقتناص الفرص وعقد الصفقات والتحالفات , التي تضر بالآخر وقضايا الإجماع الوطني.
عدن اليوم فوق صفيح ساخن , بين شعب ضاق ذرعا من صراع عبثي , تتفوق فيه المصالح الخاصة والشخصية والفئوية ,وعطل مصالح الناس والمدينة عدن , فوجدوا أنفسهم ضحايا تلك المصالح الضيقة , مصالح محمية بالعنف , وتشكيلات أمنية وعسكرية فئوية , مناطقية بقذارة العنصرية , فنهبت عدن وشوهت وجهها الحسن , وهي اليوم تئن ألما ووجعا , وتصرخ في وجه العابثين والطغاة والمستبدين.
الناس في عدن خرجت ترفض واقعها البائس , تطالب بأبسط الحقوق , و وقف العبث من تكميم الأفواه , واقتحام المؤسسات وتعطيل دورها , وواجهت آلة قمعية متوحشة , استخدمت الرصاص الحي في تفريق المتظاهرين , في تصعيد سافر يزيد من حجم الاحتقان , ويقدم صورة واضحة لقوى حفنة تدافع عن مصالحها الأنانية , متجاهلين إرث وتاريخ عدن النضالي , وتجاربها الثورية منذ الأزل , ترفض الإذلال والمهانة , والعنف والتسلط , عدن نواة نشوء الحركة الوطنية بكل امتدادها الوطني والإقليمي , ببلد الاحرار, لا تهاب الطغاة والمستبدين والمتعجرفين.
اليوم تثور عدن لأبنائها بالسجون , وثوارها المغدور بهم , وأفضل رجالات اغتالتهم يد العمالة والإجرام وعلى رأسهم الشهيد المغدور به محافظها البطل ومحررها الشجاع جعفر محمد سعد , ورفاقه من الأبطال على ناصر هادي وغيرهم , في مؤامرة إعادة تموضع , أيادي العمالة والارتزاق والمصالح الضيقة الجاثمة اليوم على كاهل عدن , التي ضاقت بتصرفاتها وسياساتها وعجرفتها عدن , وهي اليوم تثور لاقتلاع هذا العفن من على كاهلها , لتتنفس الصعداء.
هناك محاولات لترميم القبح الذي أصاب عدن , بعقد لقاءات صورية , رفضتها معظم مناطق الجنوب , ونرفضها في عدن , التي تدرك أن هناك شعرة فاصلة بين المصالح العامة , والمصالح الضيقة , تدمرها الغاية تبرر الوسيلة , في تخدير المجتمع في عالم من المثاليات والوهم الذي لا يكل ولا يمل المستبدون من استحضارها في كل وقت وحين , لترتيب صفوف المصالح والمنافع الضيقة , وتدمير المصالح والمنافع العامة والوطنية , ومصالح الأمة.
هؤلاء يعيشون حالة من البرجماتية المقيتة , حينما تحاورهم , إن ضاقوا بالحجة , جعلوا من الحوار تلاسنا , وشتما واتهاما , وبالبندقية إذلال ومهانة , لفرض انتصار عليك , مدمرين فيك الإنسان والإيمان والقيم والمبادئ والأخلاقيات لتخضع وتستسلم لغاياتهم , وتقبل وسائلهم ( الميكيافيلية )البرجماتية المقيتة بمعنى أن يكون الهدف نبيل والوسيلة وضيعة , هي أبرز ميزة للانتهازية السياسية , حيث الجمع بين نقيضين , تتحدث عن مصالح عامة وتحقق مصالح أنانية ضيقة , وهذا ما تصدره المشهد اليمني في الجنوب والشمال وبالذات في عدن , حيث نجد الانتهازيين سياسيين , والهدف النبيل يراد له أن يتحقق بوسيلة فاسدة , فأفسدوا الواقع , وبرروا النهب والبسط والفساد بكل أشكاله , وجعلوا من الإرهاب غاية لتبرير كل الانتهاكات والجرائم .
في مفارقة عجيبة لذوي المصالح النفعية والانتهازيين السياسيين , إنهم معطلين القضاء في عدن , ويمارسون شتى أنواع الانتهاكات بحجة الأمن , وعندما يصرخ الناس في وجوههم , ردهم القضاء سيفصل في القضية , باستخفاف مقيت بعقول الناس , يؤشر لغباء متأصل في العقلية التي لم تستوعب بعد عدن و تاريخها وارثها الثقافي والسياسي والنضالي , ولن تنطلي على أبنائها وأحرارها تلك الخزعبلات .
واقع عدن اليوم شاهدا على فسادهم , ومشهود على صلابة وشجاعة أبنائها وهم يتصدون لآلة القمع والعنجهية.
المقال خاص بموقع المهرية نت