آخر الأخبار

ثنائية السلام واللئام   

الجمعة, 07 مايو, 2021

على الإقليم والعالم أن يعرف أن اليمن بلد السلم والسلام , مشكلته ليست وليدة الداخل , بل هي نتائج لسنوات من التدخل الخارج , ومحاولة السيطرة والتمكين والوصاية عليه , على بلد عريق , متعدد الطوائف والأعراق المتعايشة منذ قرون , بل فيه كل مقومات النهضة والتطور , وهبه الله طبيعة خلابة , وأرض ولادة , وخصبة , باطنها غني بالثروات , ومحاط بساحل غني بالتنوع والثروة البحرية  , إذا ما توفرت لديه الظروف الموضوعية والذاتية لاستقرار حقيقي , قادر على أن يصل  لمصاف الدول المتقدمة والغنية .

اليمن تعرض ولازال يتعرض للعبث في تركيبته الاجتماعية , وتنوعه السياسي والثقافي , يتعرض للتصدعات التي تحدث شروخ في نسيجه وهويته , فخخ ولازال يفخخ بمزيد من النعرات والنزعات والكراهية , التي تتفجر اليوم في وجوهنا , وتدمر كل جميل ورائع أبهر الناظرين , وحشد الحاسدين في تدميره , ودس المغرضين أنوفهم في تحويل ذلك التنوع من نعمة لنقمة , تحت مبرر لئيم ( إن بروز اليمن كقوة فيها ضعفهم , وضعف اليمن فيها قوتهم )
فاختاروا التدخل في شأن اليمن من وقت مبكر , منذ أن قرر اليمنيون التحرر والاستقلال من الإمامة والاستعمار , قرروا أن يكون لهم شأن محترم في المنطقة والعالم , واجهوا هذا القرار بصلافة و لؤم واتخذوا مواقف صريحة وواضحة ضد ثورة الشعب , لصالح الطغاة والمستبدين , وتآمروا على كل مشروع وطني كاد أن يتصلب عوده , فكسروا ذلك العود , واستبدلوه بعودهم الهش , الذي مارس أصناف التدليس والتزوير , ليظهر بمظهر المشروع الوطني , وهو عميل نفذ المخطط بدهاء العمالة والارتزاق , وفخخ الواقع بعدد من الشروخ الاجتماعية والسياسية والمكونات الطائفية والعقائدية , ووفروا كل الظروف الذاتية والموضوعية للعنف ليكون سيد الموقف , والتناحر نتائج حتمية , والصراع البيني واقع على الأرض , مما توفرت لديهم فرص التدخل المباشر و السافر و اللئيم في تدمير ما يمكن تدميره من مقومات البلد ونهضتها , واستمرار تمزق نسيجها , وتناحر طوائفها ومناطقها , وتوظيف أدواتها للإنهاك .

فكلما تشكل وعي جماهيري يرفض تلك الأدوات , كلما زاد توحش هذا التدخل , واستخدام ما يمكن استخدامه , من إعادة رسم خريطة التحالفات , والعمل على التناقضات , واستثمار كل الأدوات الأكثر إنهاكا وإصابة و إذعانا , وفي كل تلك المحاولات يكتشف هذا التدخل انه وقع في مستنقع صعب الخروج منه دون خسائر فادحة , وأن اليمن ليست لقمة صائغه , بل هي لقمة الخانوق , فيضطرون لتسويق مبادرة السلام لإنقاذ ادواتهم اللئيمة وبالتالي أنفسهم .

 اليمن قادر على تحقيق السلام دون حاجة للئيم  زعزع أمن وسلامة أراضيه , ودعم العنف بكل أشكاله , وحول الأرض لجحيم تشتعل نارا وقودها أبنائها , أبنائها المنقسمون اليوم , والقادرين على أن يتفقوا , فالأرض أرضهم , والحرائق هم ضحاياها , وهم المعنيون بإطفائها , إذا ما كف ذلك اللئيم عنهم تدخله وشره  , وتخلى عن مؤامرته , ودعمه للأشرار والمرتزقة والمنافقين والأفاقين .

لن يتحقق السلام في اليمن على أيدي قوى التدخل الخارجي , تدخل القوى الكبرى العالمية , أو أدواتها في الصراع الإقليمي , ولن تنجح أي مبادرة سلام مرهونة بتوافق تلك الدول , سلام من هذا النوع هو سلام التوافق على تكبيل اليمن وتفخيخه بإعادة تموضع أدوات الصراع اللئيمة , وتأجيل المعركة كم سنة , يبقى فيها اليمن تحت الوصاية معاق , غير قادر على النهوض , واستثمار مقدراته , يبقى مجرد بلد متسول مهان ذليل مرهون , تحت سلطة مرتزقة وعصابات لئيمة .

لن نقبل سلام لاستمرار دعم جائحة العنف , وتقويض روح الثورة في البلد , وتعطيل عملية التغيير والتحول المنشود , بتعطيل دور الاقتصاد والمجتمع المدني , وقتل فكرة الدولة المحترمة بين الناس , وأهمية دور المؤسسات , وتفعيل النظم والقوانين , واستعادة حركة مسار الديمقراطية .

من الغباء أن يتوهم البعض ممن يرتهن للخارج والإقليم أن تقدم له هذه الدول دولة , وهي تفتقد لها , ديمقراطية لا يعرفونها , وتحول منشود , محرم على مواطنيهم .
و مستبعد أن يأتي سلام من خارج حدود اليمن , وخارج عقول أبنائه , بعد أن فقد اليمني الثقة بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بالسلام , فقد الثقة بالدول الكبرى والتي تدعي أنها رسل سلام وديمقراطية , و وجدها مجرد شركات احتكارية تبحث عن سوق لمنتجاتها من أسلحة الدمار الشمال , على حساب الناس الأبرياء في مناطق الصراعات المحتدمة , وتهتم في زيادة في أرباح الشركات , دون النظر بحجم الدماء التي تسفك , والدمار الذي تخلفه تلك الأسلحة , وحجم الانتهاكات و المجاعة والوباء والأضرار الناتجة .

وفقد أيضا الثقة بدول الإقليم , التي ترى اليمن  مجرد حديقة خلفية تمارس فيها نزواتها اللئيمة  , و حلبة صراع عبثي لكسر إرادة البعض , بكسر عظام المواطن اليمني , وتدمير سبل الحياة المعيشية على ارضة , وتحويلها لجحيم يصليه نار وشرار .

فقد الثقة بالقوى السياسية التي تحولت لأدوات مرتهنة بيد الإقليم  بيد قوى الصراع الدولي , وهي تستثمر الدعم لزيادة حجم المعاناة , فقد الثقة بكل القيادات التي تعيش بذخ فنادق العالم وبتمويل مدعوم , بينما في الداخل المواطن يفتقد أبسط سبل الحياة الإنسانية , فقد الثقة بأدوات تعيش على حساب جوع البسطاء , على حساب دمائهم وأشلائهم وخراب بيئتهم الطبيعية و ومساحتهم الجغرافيا  .
شعبا سيصنع سلام , بعد أن يخلص منكم ومن أدواتكم اللئام.
المقال خاص بموقع المهرية نت

الحرب ومصير الأمة
السبت, 21 ديسمبر, 2024