آخر الأخبار
الخبث في خذلان الناس
لا مجال للمقارنة بين الذكاء والخبث , الذكاء وسيلة خير , والخبث وسيلة شر, بدهاء الخبث يستطيع العدو أن يسيطر على مشاعرك وعواطفك , والعمل من خلال تناقضاتك , لتوظيفك لخدمة أجندته.
من الصعب أن يخترق الخبث المجتمعات الحية , المتماسكة والواعية , المحصنة بنخب الفكر العقلاني والوعي الإنساني , ومن السهل اختراق المجتمعات الغير حية , المليئة بالتناقضات , و الموبوءة بالأمراض الاجتماعية و النعرات والعصبيات .
في بلدي اليمن يدرك النظام السابق العفن حجم تحالفاته مع القوى التقليدية والرجعية العربية والإقليم , ويدرك حجم ما زرع من أمراض , وفخخ من مصائد في مجتمع مفكك متناقض , ونخب تغلب عليها الديماغوجية في استغلال غوغائية الجماهير للحشد والحشد المضاد واستثارة العواطف .
وما تبقى من عقلانية و واقعية , تدرك حجم مخاطر التحالفات الغير مدروسة , وقعت بفخ الأغلبية , وهشاشة الوعي الاجتماعي , وثمار ما زرعه النظام البائد من أمراض ونعرات , عجزت في مواجهة خبث القوى الرجعية العربية والتقليدية في الداخل , وهي تخترق المجتمع لتعيد تشكيلة بما يخدم أجندتها .
تمكن الخبث من استغلال وضع البلد , ورسم سيناريوهات وأحبكه بدهاء الخبث , حيث أدار سيناريو تحرير عدن .
وأهم من يعتقد أن المدرعات الإماراتية هي من حررت عدن , تحررت عدن بصمود وبسالة وشموخ أبنائها الأبطال في الجبهات , وانتصرت بإرادة قوية حرة ومستقلة , وبعد التحرير استهدفت تلك الإرادة , وتم اغتيال روح الحرية والاستقلال , باغتيال اشرف وانظف واطهر المقاتلين ,واتهامهم وتخوينهم وتصنيفهم ب( الإرهاب داعش والقاعدة والإخوان , وخلايا الاحتلال الشمالي ) , بخبث مكشوف يعبر عن حالة الغباء المتأصل , وإعادة تموضع أدوات الخبث , من المنافقين والأفاكين , النفعيين , والأوراق الهشة للنظام السابق , وأنذال السياسة وتوابعها من إعلام مطبل و أبواق الدعاية والتحريض , بتوظيف قذر , بقذارة الأموال التي نثرت والضمائر التي اشتريت .
حبكت السيناريو بعدد من شهداء ارتدوا الزي الإماراتي , وحكايات تخاطب العواطف , وصدق المغفلون , و استخدموا وقود لحروب عبثية وصراعات أبدية , وانهيارات قيمية وأخلاقية, والنتيجة واقع ملموس في عدن والجنوب .
والعقل والمنطق يبحث عن دولة مهما كان تسميتها , دولة قيم وأخلاقيات وتطلعات وأحلام الناس وآمالهم , فوجدها تنهار أمام ما يحاك من سيناريو.
تنهار في واقع تتشكل فيه كيانات مناطقية عسكرية وسياسية , في واقع يفخخ بالكراهية و العصبية والنعرات والعنصرية , في واقع يقسم المجتمع ل (معا وضد ), لجماعات متناحرة , وجبهات قتال عبثي مدمر .
والنتيجة عدن والجنوب (وثورة ثورة لا إصلاح ) حيث تجريف تجارب سنين وإرث سياسي وثقافي ومدني فيه من الإيجابية أكثر من السلبية , تجريف الإيجابيات وعززت السلبيات , فتمكن من خلال هذا التجريف لعدد من الجهلة والمتخلفين والغير مؤهلين تربعون عرش مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني ونقابات , كانت لها صولاتها وجولاتها في الوطن العربي والعالم , وعدنا لنؤسس لواقع بائس ببؤس الأدوات والبنى التي يعتمد عليها , والنتيجة لا قضاء ولا نيابة ولا عدل ولا إنصاف , لا حقوق ولا واجبات ولا إدارة , لا إيرادات , ولا وعاء مالي ولا شريان يغذي الرواتب والميزانيات التشغيلية والخدماتية , كلها تذهب لكروش الفساد , ونفوذ سلطة الأمر الواقع , ولم يتبقى للمواطن غير الهتاف (ثورة ثورة ياجنوب ) وهو مطحون ومحروم من أبسط الحقوق وسبل الحياة الكريمة , والله يمهل ولا يهمل , وهو على كل شيئ قدير.
المقال خاص بموقع المهرية نت