آخر الأخبار
عدن .. ومخاض معركة الدولة
حرب لم ترحم ولم تترك رحمة ربنا تنزل على الناس , حرب سدت كل منافذ الرحمة , وقتلت روح الإنسانية , و اوجدت كل مبررات القتل والانتهاك , واستباحة الأعراض , حرب استهدفت القيم والمبادئ والأخلاقيات ,وبالتالي استهدفت كل الأفكار المعنية بالأحلام وتطلعات الناس , استهدفت الانسان كوعي وادراك , كل هذا لخدمة مدبري وتجار تلك الحرب وادواتها الرخيصة , ست سنوات , والسابعة والحرب تدمر سبل الحياة , وتلتهم خيرات البلد واخيارها , تاركة مجال واسع , لصُنًاع المصائب ,من الأسوأ والأرخص والأنذال , لتنفيذ عملية التدمير الذاتي .
ما يحدث في عدن خير مثال , لأسوأ مرحلة , تمر بها البلد , مرحلة اغتيال فكرة الدولة , اغتيال قيمها وثقافتها وسلوكياتها , بل انتزاعها بالعنف من وجدان وذهنية وثقافة المجتمع في عدن , باستهداف مؤسسات المدنية والوعي والثقافة .
تبدأ عملية الاغتيال , في تشويه الوعي المجتمعي , بتغييب أدوات ذلك الوعي , (شاهد ما حدث للنقابات ومنظمات المجتمع المدني , والاتحادات الثقافية والفكرية , والصحافة وكل ما يتعلق بوعي الناس , الاستحواذ والتنصيب القائم عليها , لتبقى تلك المؤسسات تحت السيطرة بإدارتها الهشة والمستقطبة سياسيا لفكرة التدمير ).
ما يعجزون عنه بالمؤامرة يفرضونه بالعنف , والعنف خير وسيلة لتنصيب أدوات التدمير , لتتصدر المشهد أدوات لا دولة , قادمة من قمة التخلف والعصبية والجهل , محملة بفيروسات النعرات والكراهية والعنصرية , وتقوم بحقن المجتمع بكم هائل من الأوهام والاشاعات والاكاذيب وصناعة شيطان , لاشغال الناس به , وتوجيه إدراك العقل الجمعي برميه وقذفه , وتحميلة كل مالات الفشل والعجز.
كل هذا حتى لا يتشكل اجماع يدرك حقيقة ذلك الواقع , ويتفهم متطلباته و أولوياته , ليتوه المجتمع بالاستقطاب السياسي مع وضد , وتوجيه الرأي نحو تشخيص القضايا , وسرد الأحداث و تحويرها لخدمة السياسة , وتضيع الأفكار ومنها فكرة الدولة في متاهات الفوضى , ليبقى المجتمع منقسم على ذاته , تحت حذاء الاصنام البشرية , تمجيدا وتهليل لها , لتكن بديل للوطن والمواطن .
منذ أن تحررت عدن , وزج بثوارها في السجون , واغتيال اختيارها من الواعظين والتربويين و المعارضين لفكرة التدمير , منذ ان اغتيل الشهيد المحافظ ابن عدن جعفر محمد سعد , و اغتيلت فكرة الدولة وكل معانيها .
اغتيال شباب في مقتبل العمر على قارعة الطريق (كجريمة قتل الجنيد ), لانهم اعترضوا على سلوك غير سوي لقوى غير نظامية , تهدد حياة المارة في الشارع العام , ونشر فيديو لأحداث عملية للرأي العام , وكثيرا هي شواهد اغتيال الأفكار ومن يحمل تلك الأفكار , حادثة العجوز بائع الماء , وشباب اعترضوا على سلوك اذلال ذلك العجوز , واجهوا نفس المصير , وتنتهي تلك القضايا في طي النسيان والإهمال , من له قبيلة ونفوذ , يمكن أن يحصل على اعتذار حقير , بحقارة الانتهاك , واليوم يطارد كل صوت وطني حر , يقول الحق وينتقد الواقع , كعبد الفتاح جماجم , ولازالت عدن تعيش جملة من المداهمات الغير قانونية , بسلوك العصابات .
كل تلك الجرائم مدونة , و أهم من يعتقد انها ستكون في طي النسيان , سيتذكرها الناس , ويتذكرون مآسيهم , وسيأتي يوم الحساب طال الزمن او قصر .
واليوم تتكرر جريمة في حق فكرة الدولة وقيمها , جريم تستهدف تطلعات الناس وأحلامهم , في مطار عدن , بوابة عدن الحضارية , منفذها قائد همام , وجد نفسه في منصب اكبر من قدراته المهنية والفكرية , فوق مستوى وعيه وعقليته التي لا تستوعب فكرة الدولة والنظام والقانون , وجد أمامه رجل دولة , متشبع بدولة النظام والقانون , حريص على أن يكون العدل سيد الموقف , فاصطدم ذلك الوحش , بذلك النبل , وخرج الوحش الكامن من جمجمة القائد ليذل ويهين النبل و رقي فكرة الدولة في ذلك الموظف , وتلك هي معركتنا في عدن , بين وحوش كاسرة قادمة من قمقم التخلف والعصبية والجهل , وبين مدينة ومدنية , بين فكرة الدولة وفكرة اللادولة , بين رجال دولة ومليشيات, متسلحة بالعصبية والتطرف والجهوية , والعنف وسيلتها .
ويبقى الرهان على الوعي الجمعي في عدن , والعقل الجمعي الفطن , لينصر الحق , وفكرة الدولة في عدن , ثقافتها سلوكياتها , في مواجهة جائحة التخلف والعصبية التي يتم فرضها على عدن , و لازالت المعركة دائرة , هل تنتصر فيها عدن ام تهزم , وسينتصر الحق وتنتصر عدن ,. إن غداً لناظره لقريب .....
المقال خاص بموقع المهرية نت