آخر الأخبار
عدن المكلومة وفرحة رمضان
تستقبل عدن رمضان هذا العام بمظاهر الفرح , تتوشح شوارعها ومنازلها ومتاجرها بالإضاءات الملونة والفوانيس وغيرها من البهرجة.
مظاهر تحاول عدن من خلالها أن تتجاوز حالة الكربة والألم , و تستعيض عن صرخة النفوس المكلومة والمتألمة , بلحظة فرح يخفي أوجاع الواقع البائس.
المدينة التي لم تشتكي لغير الله حتى لا تذل , ترفع يديها للمولى راجيه أمله , مفوضه أمرها لله ,رمضان هو فرصة لتصنع فرحة , بعد صبر على الهم والغم , تتأمل مخرجا , خيرا من البكاء على حائط اليأس , ولن يخذلها الرحمن كما خذلها السلطان , أو من تسلط في هذا الزمان , خليط من العقائد والأيدلوجيا , تاهوا عن القيم والمبادئ , عن المنابر والمنتديات , وغرقوا في هوى المال والسلطة والجاه والعصبيات , زجوا بالوطن والمواطن في زوابع من الصراعات , والنفير والحروب العبثية , والنتيجة تدمير كل سبل الحياة والمعيشة , وتعطيل كل ما يتعلق بفكرة الدولة والمؤسسات , والمواطنة والعدالة , والنظام والقانون.
أنهكوا البلد والمواطن بالتناحر , ومصطلحات العداء , و جرفوا الواقع من أسس وأدوات التنمية السياسية , واستبدلوها بـالمناطقية والطائفية , والتهديد والتعنيف والوحشية , وعاشوا و اقتاتوا على ضحايا هذا الواقع , وشيدوا القصور , و كدسوا الأموال , في وقت جاع فيه الناس , وعجزوا عن شراء ما يحتاجونه.
ضاقت الحياة في عدن , وكيف لا تستقبل رمضان بفرحه , وهو البلسم والطيب والدواء الغائب والضيف العزيز ، الذي وإن لم يدخل من الباب فقد دخل روحا وريحانا وبركة وإيمانا على القلوب ,وامل في شفاء تلك القلوب التي قست وتعاظمت عن قدرة الله , وتصلبت بالعنف والجشع , وتعفنت بالكراهية والعنصرية.
ويا ويل من دعوة المظلوم , والقلوب المكسورة , والنفوس المقهورة , ذاك الدعاء حينما يرفع أكفه في ظلمات الليل البهيم , وهو يعرف غريمه وخصمه , دعاء لن يرد في تلك الليالي الفاضلات " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " .
من باب أن الكل يبتغي في رمضان بلوغ العفو والغفران , ويتسابقون الى المغفرة من الرحمن , عل وعسى ان يحدث رمضان صدمة ليراجع كل من بيده سلطة وسطوة , وتحت سطوته قوة , ويعود ليسابق على فعل الخيرات وينافس على عمل الصالحات , ويعود لرشده وجادة صوبة , ويترك العنف وتداعياته , والصراعات وما تنتجه من ماسي ومظالم والم في حق الآخرين .
لا يأس مع الحياة , وبالفرحة يتجدد الأمل لتفريج الكروب ، فإذا لم يكن شهر رمضان هو أمل الايام وخير زمن يرتجى فيه الأمل وفيه ليلة القدر ، فأي شهر يرتجى واي زمان ؟!
هذه الفرحة تستدعي مراجعات من يحكمون عدن , من يحصلون إيرادات عدن , من هم مسيطرون على المرافق الحيوية في عدن , ومن يمنعون أن تصب تلك الإيرادات لوعاء مالية عدن , لتضخ في شريان حياة عدن ليغذي الاكتفاء الذاتي لعدن , وتوفير الرواتب المحترمة , وموازنات تشغيل المرافق الخدماتية , وتحسين المستوى المعيشي للناس , ويصون كرامتهم من التوسل والتسول للتحالف وغير التحالف , مراجعات ستنقل عدن لوضع أفضل , يعيش الناس فيها متساوون في الحقوق والواجبات , و سيغلق باب فساد افقد عدن أهم مصادرها الإرادية التي هي حق الجميع , وليست حق من يحكم او يسيطر .
نحتاج مراجعات سياسية في العلاقة مع التحالف , والتحرر من الارتهان والتبعية , التي جعلت جزرنا والمرافق الحيوية ومصادر الثروة رهن تلك العلاقة المبتذلة و المرتهنة , التي جعلت سقطرى مرتعا لانتهاك السيادة , وجزيرة ميون قاعدة عسكرية يمكن تكون صهيونية , مراجعات ستجنب عدن والجنوب واليمن مآلات تلك العلاقة الغير طبيعية , التي افقدت الوطن سيادته والمواطن كرامته .
رمضان فرصة لمراجعة , لجمع الشمل , ونستعيد الروابط المقطوعة ، وتلحم المحبة المبتورة , نستعيد انفسنا و إنسانيتنا وكرامتنا ..
إنها فرحة امل لكل فقير ومحتاج , لكل موظف وجندي ينتظر أن يتصدق عليه براتب حقير لا يفي متطلبات حياته , وعاجز على مواكبة الغلاء والبلاء والمصائب التي حولته لضحية , لكل مظلوم ومقهور , لكل مسجون ظلما وقهر , لكل منفي , ومطرود من أرضه , ومحروم من اهله وذويه , الظلم ظلامات , حان في هذا الشهر الكريم , أن يكفر المذنب عن ذنبه , ويعود الجميع لجادة الصواب والرشد.
المقال خاص بموقع المهرية نت