آخر الأخبار

التوحش السياسي والارتهان

الأحد, 04 أبريل, 2021

كلما تبدأ مرحلة جديدة من حياة الناس , بانتهاء مرحلة غير مأسوف عليها , يبقى الأثر , والناس تنتظر ما يحقق تطلعاتهم وآمالهم ,  هذا الأثر وتلك التطلعات  تحدث مخاض تتخلق فيه تكتلات , وتتغير مواقف , ويصنع الواقع أدواته في هذا المخاض , و يفرض على الكل احتياجاته.

ما بين كل نهاية وبداية , تصعد قوى جديدة , تستعرض عضلاتها على الناس , وتقدم نفسها المنقذ , وبشعور أو بدونه تتكشف حقيقتها , وتنفضح أفكارها وثقافتها وسلوكها على الأرض , أي أنها تقدم نفسها على الواقع , ستجد قبولا إن كانت في مستوى تطلعات وآمال الجماهير , وإن لم تكن في ذلك المستوى , تصطدم برفض شعبي وجماهيري , يبدأ صغيرا ثم يتحجم مع كل مقاومة لهذا الرفض.

كل جديد يبدأ مشجعا ويلتف حوله الناس , ويراهنون عليه , تصدح منه شعارات رنانة , تهيج مشاعر الجماهير , وتستثمر تلك المشاعر لمزيد من التأييد والحشد , وهنا تصنع الأصنام , والمنصات , وتبدأ مرحلة سلب العقول , إثارة المشاعر للمزيد من التصفيق لتلك المنصة.

عملية الانتقال هي عملية حساسة جدا , وجاذبة للتدخلات الخارجية , وخاصة في بلد يخوض حربا , وتتساقط أعمدة الدولة فيه , وتستبدل بأعمدة اللادولة , تستند على النعرات والنزعات , وتؤجج الصراعات , وتستدعي عفن وبؤس للماضي .

هذا التدخل , يمكن الترويج له بعدة مسميات , تكتلات أو دعم أو مساندة .. الخ , الواقع يكشف حقيقة ومآلات هذا التدخل , ويضع أطراف القبول به في محك التحديات , في مواجهة حقيقية مع الناس , ورفضهم لنتائج مآلات التدخل .

وتبدأ مرحلة فرز حقيقية للقوى السياسية والحاضنة الشعبية , فرز بين من يرفض التدخل والتخلي عن السيادة والإرادة , وبين من يقبل التوظيف للعمل على هذا التدخل والتخلي عن سيادة وإرادة وطن, مقابل مصالح مهما كانت مبرراتها , تضعه في مستوى ادنى في الترتيب العام في الهم الوطني والإنساني , بمعيار القيم والمبادئ .
وتبدأ مرحلة مقاومة هذا الفرز , وتبرز حالة من التوحش السياسي والعسكري , لدى الطرف غير الملتزم بمبدأ السيادة والإرادة , وبالتالي يراه الناس غير ملتزما لتطلعاتهم وآمالهم , ولا يمثلهم , ويستخدم الحرية والاستقلال شعار مفرغ المعنى والمبدأ .
هذا التوحش نراه اليوم في عدن , من خلال البدء باحتواء منظمات المجتمع المدني والنقابات , الاستحواذ عليها , لتكن تحت السيطرة , كما حدث ويحدث اليوم في اتحاد عمال عدن , والبدء في محاربة أي مكونات كانت سياسية أو مدنية يفرضها المخاض القائم , لمواجهة هذا التدخل , ويبدأ بحملة تحريض وتحشيد , اتهام وتكفير , ثم تبدأ حالة التوحش لقمع تلك المكونات أو الاحتجاجات , كما حدث لمجلس إنقاذ عدن , واحتجاجات حضرموت , وغيرها من الاحتجاجات .

هذه هي بداية النهاية , الناس ترفض سلطة الأمر الواقع في عدن , ترفضها لأنها لم تعد تمثل قناعاتهم وتطلعاتهم , وقدمت مثال سيئ , في عدن وفي سقطرى .

اليوم عدن الجوهرة الاقتصادية والسياسية والثقافية , في أحلك الظروف المعيشية والخدماتية والحياتية , وهكذا سقطرى التي لم تعرف يوما الصراعات المسلحة , منطقة مسالمة تخضع للسلطة المركزية , مما جعل الناس يتساءلون عن ما يحدث في سقطرى , ويدركون جيدا أن الجنوب لن يأتي من سقطرى , وأن سقطرى تقدم كهدية للداعم الخارجي , مقابل تسليح عسكري وتموين لحرب عبثية , يفرض فيها أمر واقع الناس تقاومه وبقوة , وعدن مثال لتلك المقاومة الشرسة , والتوحش القائم فيها هو بداية النهاية , لأن التوحش سيفرض على الناس الدفاع عن حقهم وحريتهم وتطلعاتهم , في دولة محترمة ترعى الكرامة والعزة والسيادة والإرادة , نحو استقلال حقيقي للوطن والأمة.
المقال خاص بموقع المهرية نت