آخر الأخبار
عدن في حماقة أعيت من يداويها
يتساءل العقل الفطن عن حال عدن , فيجدها مدينة قد أصيبت بداء قال عنه المتنبي "لكل داء دواء يستطب به
. إلا الحماقة أعيت من يداويها"
نعم يامن تحكمون عدن اليوم , بأحقاد وضغائن الأمس , تحكمونها بحماقة سياسية مثخنة بثارات مراحل الصراع العقيم , الذي دمر إرث عدن الثقافي والفكري والسياسي , وفكك نسيجها الاجتماعي , وعطل دورها الاقتصادي في المنطقة , وحرمها من كل مقومات التنافس , وأفقدها دورها كرائدة من رواد الاقتصاد والثقافة والفكر والسياسة , واحتكرها لنفسه وفكره الأناني , استأثر بها , والبسها لونه المستحب , وجعلها وعائه الذي يأكل منه ويتغوط فيه , ليضمن البقاء مستحوذا على كل مفاصلها , يقصي كل من يختلف معه وعنه ويخالفه الرأي.
وللحماقة اقاربها , من عصبية وتصلب الرأي , منبعها الجهل والتخلف , تقدم لنا واقع تافه بتفاهة الحماقة نفسها , ولم تشهد عدن أتفه ما تمر به اليوم , كلاما قد يعجب وقد لا يعجب , فلا شيء يخلق من العدم , وللتفاهة ادواتها .
عدن الأمس , المدينة التي حلم بها كل حكام المنطقة و الإقليم , واليوم هي مجرد بقايا لمدينة تقاوم حماقة القروية والعسكرة , تقاوم الحفاظ على خصوصيتها السياسية والثقافية والاجتماعية , من حماقة لا تعي تلك الخصوصية , وتتجاهلها , بل تسخر من الحديث عنها , حماقة اعتبرت عدن وارثها وتاريخها من مخلفات الاستعمار , ولابد أن تخضع للتجريف الثوري , و تطويعها للفكر والايدلوجيا كغطاء وطني تتفرد به العقلية الشمولية .
حماقة القرار الكارثة على عدن , بالاستغناء عن كوادر وكفاءات مهنية , اقتصادية وإدارية وثقافية وفكرية وسياسية , بحكم انتمائها لعدن , سرحوا من وظائفهم , وزفروا من أرضهم , واممت ممتلكاتهم , وذهبوا يقدمون خبراتهم وكفاءاتهم لغير عدن , ونهضو بأحراش وصحاري لتواكب تطورات العصر , وماتت عدن وصارت خبر كان .
عدن التي احتملت حماقة 30 عاما من صراع الرفاق , و33 عام بعد تسليمها بسذاجة لمنظومة عفاش , وعليها أن تحتمل ما تخلق من ذلك الصراع وامتزج بتلك المنظومة , وشكل أدوات اليوم , المثخنة بأحقاد وضغائن تلك الصراعات , ومصابة بداء تلك المنظومة التي لازالت تلعب بهم كأوراق , لتصنع منهم تفاهة اليوم .
الحديث عن ماضي عدن مذهل , كمدينة عرفت كل جديد , وكانت اول نهضة في المنطقة والاقليم , المدينة التي ذاع صيتها للعالم , وكانت معيار اقتصادي مهم , كقول البائع في هونج كونج للزبون ( سعر هذا القلم لن تجده في عدن ) .
والحديث عنها اليوم مبكي ومحزن , بحجم بكاء وحزن أبنائها ومعاناتهم من حكم الحماقة سياسيو اليوم التي يعون صعوبة من يداويها , حماقة ظلام عدن الدامس , وعطشها المزمن , وجوعها ومرضها ومجاعتها , عدن ليست بخير , وزادتها حماقة نهب وبسط الأراضي , حماقة القبول بالتوظيف كأدوات تخريب عدن لصالح منافسيها الحقيقين , بل ممن انتعشوا اقتصاديا حينما تعطل دور عدن , وهم يدركون خطورة عودت عدن للمنافسة على مصالهم , وكان عفاش حليفهم في تعطيل عدن , و وجدوا البديل من حمقى اليوم يعطلون دور عدن خدمة لتلك المصالح , مقابل فتات من أموال الحرام , بحرمة بيع الضمير وشرف الانتماء و والوطنية لعدن , التي حسنت احاولهم حينما جاعت عدن .
حمقى بيدهم جوهرة وهم يتسولون رواتبهم من التحالف , ميناء يذر أموال تكفي لرواتب العسكريين والمدنيين , وضرائب وجمارك , وسواحل غنية بثروات السمكية والبحرية , ولديهم مدينة جوهرة اقتصادية اذا ما وجدت إدارة كفؤه ونزيهة , إذا ما وجدت عقول ومهنية ومصداقية , لنهضت بالجنوب والشمال معا والمنطقة , وبها يستطيعون ان يكونوا أسياد المنطقة والاقليم , إذا ما خلقوا اكتفاء ذاتي , وسيادة وإرادة وطنية حقه وعدل وحرية .
آه .. من كلمة ( لو ) إنها من عمل الشيطان , والحماقة بذرة شيطانية , فيها يتشيطن الأحمق و يشيطن كل من حوله , وتاريخنا المثخن بالشيطنة , برهان كافي ان من عجز على تغيير ذاته , لا يستطيع ان يصنع تغيير حقيقي على الأرض , بل سيبقى تلك الجثة الهامدة التي تحتوي جيش من الدود تلتهمها وتلتهم خيرات البلد وتتعفن , تزكم رائحتها أنوف الناس و ويتعفن الواقع ويتعفن الوطن , إنها الحماقة أعيت من يداويها.
المقال خاص بموقع المهرية نت