آخر الأخبار

عدن و ضمير الأمة

السبت, 20 مارس, 2021

 رحم الله عمر المختار وهو يمشي بأقدام ثابتة للمشنقة بثبات القيم والمبادئ التي أعدم من أجلها، وجمال عبد الناصر الذي سمم للقضاء على مشروع الأمة ، ورحم الله صدام حسين،  وعظمة شموخه أمام حبل المشنقة , كل هؤلاء ومعهم كوكبة من شهداء الثورات العربية , ومنهم ثورتي سبتمبر وأكتوبر , وتاريخ غني بالكفاح حرر الإنسان من الاستعمار والإمامة، من التخلف والجهل والفقر والمرض , اليوم نترحم عليهم , فهل ذهبوا وذهب معهم ضمير الأمة ؟!

هذا الضمير الذي يعاني اليوم , يعاني فقدان مسيرة نضال وكفاح حملها رجال صادقون وعلى درب الحق ساروا ، آخرهم المغفور له علي صالح عباد مقبل، لم يرضخوا أبدا، قضوا نحبهم بجباه عالية وأنوف شامخة، مثلوا ضمير الأمة خير تمثيل في خطاباتهم، وشرفونا في مواقفهم، لم يعتذروا للمستعمر, ولم يقبلوا أن يكونوا أدوات الرجعية العربية ، حملوا إرثا نضاليا , ثم أغنوه و رسخوا قيمة  في وجدان شعوبهم.

عندما ترى واقع عدن اليوم , تعود لترجع المخزون المعرفي والثقافي والفكري , لسنوات من الكفاح والنضال والتعليم والتثقيف , و وفق معايير ذلك المخزون تبحث عن مثل يحتذى به , ليمثل ذلك الضمير,  تبحث عما تبقى من ضمير الأمة وشرفها , و تتوه في متاهات التناقضات القائمة بين المشروع الوطني , والعودة لمشاريع صغيرة , بين فكرة الأممية والقومية والوطنية , والعودة أفكار طائفية ومناطقية , مغمسه بالكراهية والأحقاد والضغائن , كل فكره في ذلك المخزون لم يعد لها قبول في رداءة اليوم , فالواقع مرتهن لبندقية بيد بقايا مخلفات الإرث القديم , الذي وجد شروخ وتصدعات اجتماعية وسياسية , تغلغل من خلالها لذهنية الحاضر , مصمما على تجريف ذلك المخزون , فوجد عددا من الغارقين في تلك التصدعات والشروخ , فانجرت معه ليشكلا معا رداءة اليوم , و واقع عدن البائس , ومحاولات تعميم هذا الواقع على الجنوب واليمن , بهدف القضاء على ما تبقى من ذلك الضمير , و يرتهن البلد للتبعية , ويفقد حق السيادة والإرادة..يتحول لمجرد مسرح دماء, لسيناريوهات عبثية.

ما حدث ويحدث في عدن لا يرضي كل عقل فطن , يدرك حقيقة التحركات والدسائس , ومآلاتها على الواقع , حيث تتكرر مسرحية الحق التي يراد بها باطل , مسرحية تمتص غضب جمهورها , وتلهيه عن مصالحه ليحمي مصالح أعدائه.

هذا المواطن الذي يعاني , ويصرخ بألم تلك المعاناة , في بلد خيرها كفيل بإخراجه من تلك المعاناة , لكن خيرها مسلوب , وأمرها مصادر , ومعاناته مفتعلة , هي مجرد شدة للإنهاك , ليستسلم لأمر الرضوخ , وإعادة تموضع الأدوات , وترتيب ما يرتب ليستمر الارتهان والتبعية , لوطن فاقد السيادة ومواطن فاقد الكرامة.

وصدى ما يحدث في عدن المكلومة , يأتي من المهرة , وهي ترفض الاستسلام للارتهان والتبعية , ويمتد ذلك الصدى لمناطق تصارع من أجل حفظ السيادة والإرادة في شبوة وحضرموت وسقطرى وكل مناطق الجنوب , وترفض المشاريع الاستعمارية التي تسوقها الرجعية , ترفض التخلي عن الهوية , وكلما اشتد الوجع في عدن , يأتي الرفض بقوة من تلك المناطق , لتحفظ لمشروع الأمة مكانته , وضميرها نبضاته , لتقول للعالم والاقليم أن اليمن لن يستسلم , حتى وإن خنقتم ثغره الباسم , قادر على استعادتها وحماية المواطنة فيها , إنها مسألة وقت بين الاستسلام لمشاريع استعمارية رجعية , ومشروع وطني يحفظ للامة كرامتها ويستعيد ضميرها , إنّ غدًا لناظره قريب”.
المقال خاص بموقع المهرية نت
 

اليمن ولقمة الخانوق
الاربعاء, 24 أبريل, 2024
معركتنا مع القوى العفنة
الإثنين, 15 أبريل, 2024