آخر الأخبار
غياب اليمن عن القمة الخليجية الأمريكية.. دلالات وأبعاد
شهدت القمة الخليجية الأمريكية التي عُقدت مؤخرًا في العاصمة السعودية الرياض، حضور قادة دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة، في إطار تنسيق المواقف وتعزيز التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي. إلا أن غياب اليمن عن هذه القمة أثار تساؤلات حول دلالات هذا الغياب وأبعاده في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها البلاد.
فرغم أن اليمن ليس عضوًا في مجلس التعاون الخليجي، إلا أن البلد تربطه بالدول الخليجية، علاقات سياسية وأمنية وثيقة، خاصة في ظل الأزمة المستمرة منذ العام ألفين وخمسة عشر.
أصبحت الأزمة اليمنية في السنوات الأخيرة، ملفًا أساسيًا في النقاشات الإقليمية والدولية، نظرًا لتداعياتها الإنسانية والأمنية، ولانخراط أطراف دولية وإقليمية فيها، وهو ما يعني أن تغييب اليمن – سواء عن قصد أو بحكم طبيعة القمة – يحمل إشارات لا يمكن تجاهلها.
قد يعكس غياب اليمن تراجع أولويته على أجندة النقاش بين الولايات المتحدة ودول الخليج، في ظل تركيز أكبر على ملفات أمن الطاقة، والاستقرار الإقليمي، والتطبيع مع إسرائيل، والحرب بين روسيا وأوكرانيا.
يمكن فهم أن غياب اليمن عن القمة الخليجية الأمريكي يشير إلى مراجعة خليجية للدور الذي تلعبه دول المجلس في اليمن، لا سيما بعد الانتقادات المتزايدة للتدخل العسكري، وتعقيدات الملف السياسي والعسكري.
وقد تكون واشنطن اختارت إبقاء الملف اليمني خارج إطار القمة التي عقدت في الرياض، لتجنب التطرق إلى قضية شائكة قد تؤثر على طبيعة التفاهمات مع الخليج، خصوصًا في ظل الحديث عن تهدئة بين السعودية والحوثيين، وتوقع اتفاق هدنة بين الرياض والحوثيين بوساطة عمانية يقضي بوقف الهجمات الأمريكية على اليمن ووقف استهداف السفن في البحر الأحمر.
يمكن اعتبار غياب الملف اليمني عن طاولة القمة الخليجية الأمريكية، رسالة ضمنية بأن الحل في اليمن يجب أن ينبع من الداخل وبتوافق بين الأطراف اليمنية في الداخل، دون الاعتماد على تدخل خارجي مباشر في مسارات الحل السياسي.
رغم غياب اليمن عن القمة، فإن تداعيات الأزمة اليمنية لا تزال تلقي بظلالها على الأمن الخليجي، فاستمرار التوتر ووجود الحوثيين كقوة، وتدهور الأوضاع الإنسانية، وتفكك مؤسسات الدولة، تعتبر عناصر تشكل تهديدًا دائمًا للاستقرار في المنطقة.
لذا، فإن استبعاد اليمن من المباحثات الخليجية الأمريكية قد يؤدي إلى شعور بالعزلة لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ويضعف فرص إشراكها في أي ترتيبات أمنية أو سياسية مقبلة، سواء بحل سياسي أو عسكري مع الحوثيين.
غياب اليمن عن القمة الخليجية الأمريكية لا يعني انتهاء الاهتمام الدولي أو الإقليمي به، لكنه قد يشير إلى تغيّر في المقاربات المتبعة لحل أزمته. وإذا أرادت الأطراف الدولية والإقليمية استقرارًا حقيقيًا في المنطقة، فلا بد أن تبقى اليمن حاضرة على طاولة الحوار، ضمن رؤية شاملة تستند إلى حل سياسي عادل ومستدام.