آخر الأخبار

الملف اليمني يطرح تحدياتٍ أمام السياسية الخارجية العمانية (ترجمة خاصة)

المهرية نت - ترجمة خاصة
السبت, 21 سبتمبر, 2024 - 08:48 مساءً

نشرت منصة "أمواج ميديا" المهتمة بنشر أخبار وآراء وتحليلات عن إيران والعراق وشبه الجزيرة العربية، مقالًا للكاتب جورجيو كافيريو، أستاذ مساعد في جامعة جورج تاون. ويشغل أيضًا منصب الرئيس التنفيذي لمركز تحليلات دول الخليج، تحت عنوان: "الملف اليمني يطرح تحدياتٍ أمام السياسية الخارجية العمانية".

 

يقول الكاتب: في ظل دور عمان المحوري كوسيط في شبه الجزيرة العربية، لم يكن مفاجئًا أنها كانت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تنضم إلى التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن عام 2015. تميل عمان إلى رؤية الدبلوماسية، وليس التدخل العسكري، كأفضل وسيلة لمعالجة الأزمات الإقليمية".

 

وأضاف: "لم يكن استيلاء الحوثيين على صنعاء عام 2014 استثناءً. على مدار العقد الماضي، استخدمت مسقط سياستها الخارجية المحايدة في الغالب للعب دور الوسيط بين مختلف الأطراف بهدف تحقيق الاستقرار والأمن والمصالحة السياسية في اليمن الذي مزقته الحرب".

 

ويرى كافيريو أن "جهود عمان التي تسعى لاستقرار اليمن نشأت إلى حد كبير من مخاوف مسقط من تداعيات الأزمة على طول حدودها البالغ طولها 300 كيلومتر، والتي قد تشمل تهريب الأسلحة، وتحركات المسلحين، وتدفق اللاجئين. ومع وجود عناصر مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش على طول الحدود، تشعر السلطنة بالقلق من تهديد الجماعات السلفية الجهادية المجاورة".

 

ويرجح الكاتب احتمال "أن تكون هذه المخاوف قد زادت بشكل كبير منذ الهجوم غير المسبوق الذي نفذه تنظيم داعش على مسجد شيعي في مسقط في يوليو. من الناحية الاقتصادية، أدى الاضطراب في اليمن إلى تعطيل التبادل الثنائي، فضلاً عن طرق التجارة المهمة لعمان، خاصة تلك التي تمر عبر بحر العرب".

 

وقال: "على الرغم من هذه المخاوف والتحديات الجسيمة، استغلت عمان الفرصة لتعزيز مكانتها كوسيط فعال في عملية السلام في اليمن. فبعد وقت قصير من التدخل العسكري الذي قادته السعودية عام 2015، رسخت عمان نفسها باعتبارها الوجهة الرئيسية لمحادثات السلام".

 

وأشار أن عمان استضافت شخصيات تمثّل مختلف الأطراف اليمنية، والأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والسعودية، وروسيا، وإيران في مسقط على مر السنين لمناقشة مختلف الأزمات في اليمن. وأضاف: من الجدير بالذكر أن عمان ساعدت في تقريب وجهات النظر بين السعودية والحوثيين نحو هدنة بوساطة الأمم المتحدة في أبريل 2022. وعلى الرغم من انتهاء الهدنة رسميًا بعد ستة أشهر، إلا أن الأعمال القتالية بين الحوثيين والسعوديين لم تستأنف.

 

التحديات العمانية في اليمن

يقول الكاتب جورجيو كافيريو إن "التطورات التي شهدها العام الماضي، ولا سيما توسع حرب غزة، وهجمات الحوثيين البحرية، والتدخل العسكري البريطاني الأمريكي في اليمن، تُمثل تحديات خطيرة لسياسة عمان الخارجية؛ يضيف: مع ذلك، استمرت مسقط في السعي لتحقيق أهدافها في اليمن. تشمل هذه الأهداف الحفاظ على وحدة اليمن التي تحققت عام 1990، وإنهاء الصراع المتعدد الأوجه في البلاد، والمساهمة في تحقيق المصالحة الشاملة وإعادة الإعمار على نطاق واسع، وإحباط التدخلات الخارجية.

 

ويرى الكاتب أن "هجمات الحوثيين البحرية المستمرة منذ حوالي أحد عشر شهرًا في خليج عدن والبحر الأحمر تسببت في إزعاج السلطنة، التي تخشى من أن تؤدي أعمال أنصار الله إلى تفاقم التوترات الإقليمية وتهديد المصالح الاقتصادية العمانية في هذين الممرين المائيين".

 

هجمات الحوثيين في البحر الأحمر

وأضاف: "منذ أكتوبر 2023، تعرضت عدة سفن مرتبطة بإسرائيل أثناء عبورها البحر الأحمر ومضيق باب المندب الاستراتيجي لهجمات من قبل الحوثي المدعومين من إيران في اليمن".

 

وقال: "حذّر المستشار السابق لوزارة الخارجية العمانية ورئيس الهيئة العامة للمناطق الصناعية وهيئة تنمية الصادرات والاستثمار، سالم بن ناصر الإسماعيلي، من تأثيرات انعدام الأمن في البحر الأحمر على حركة الملاحة البحرية، لا سيما بالنسبة لطرق الشحن الحيوية لإمدادات النفط العالمية.

 

وتابع: "في تصريح لموقع أمواج الإخباري، أكّد الإسماعيلي أن سلطنة عمان، على غرار دول الخليج الأخرى، تشعر بالقلق إزاء الأمن البحري في البحر الأحمر، مشيرًا إلى تفضيل السلطنة للحوار والمساعي الدبلوماسية بدلًا من التدخل العسكري المباشر".

 

ويضيف مقال الكاتب أن المستشار السابق لوزارة الخارجية العمانية، أكّد أن السلطنة حريصة على عدم التصعيد في الصراع اليمني، خاصة مع استمرار الهجمات الحوثية على الملاحة البحرية.

 

وأضاف "عمان تفضل الحفاظ على موقفها المحايد، وتتجنب انتقاد أي طرف بشكل علني".

 

وينقل الكاتب عن جوزيف أ. كيشيشيان، الباحث الكبير في مركز الملك فيصل في الرياض، قوله إن سلطنة عمان "تعارض بشدة" الهجمات الحوثية على الملاحة البحرية في البحر الأحمر.

 

وأضاف كيشيشيان في تصريح لموقع "أمواج" الإخباري أن عمان "حذرت مرارًا وتكرارًا" العديد من الوسطاء الحوثيين الذين يتنقلون بين صنعاء ومسقط، حيث تجري مفاوضات سرية منذ عدة سنوات، لوقف هذه الهجمات.

 

وقال الكاتب إن "العلاقة الودية مع الحوثيين تساهم في ضمان عدم قيام أنصار الله بشن هجمات على عُمان، سواء كانت عسكرية أو إعلامية. ومع ذلك، فإن استمرار انعدام الأمن البحري قد يقوّض خطط مسقط للتنمية الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط والغاز".

 

ونقل الكاتب عن الباحثة المشاركة الأولى في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إليونورا أرديماغني، تحذيرها أن أزمة البحر الأحمر تلقي بظلالها على الموانئ العمانية رغم موقعها الجغرافي المميز المطل على المحيط الهندي والذي يتيح لها تجاوز مضيق باب المندب.

 

وأوضحت أرديماغني لموقع "أمواج" الإخباري أن "عمليات إعادة توجيه السفن بسبب الأزمة الأمنية في البحر الأحمر تؤثر على الموانئ العمانية، وقد تؤدي إلى تقليص الأهداف الاقتصادية التي وضعتها الحكومة".

 

يقول الكاتب: "في حين يشعر صناع السياسية العمانيون بالقلق إزاء سلوك الحوثيين في خليج عدن والبحر الأحمر، فإنهم يرون أن الحرب الإسرائيلية على غزة هي قضية أساسية يجب حلها ضمن السياق الأوسع لمحاولة تأمين هذه المسطحات المائية".

 

وأضاف نقلاً عن "دبلوماسي عماني، طلب عدم الكشف عن هويته: تعتبر عُمان أن العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي ينتهك جميع القوانين والأعراف الدولية—بما في ذلك القانون الإنساني الدولي—لديه العديد من التداعيات المباشرة التي لن تقتصر فقط على دول المنطقة بل ستتجاوزها إلى درجات متفاوتة"، مضيفًا أن "عُمان تعتقد أن وقف الحرب في غزة سيكون له تأثير إيجابي على الوضع في البحر الأحمر."

 

الأوساط المحلية 

يرى الكاتب أن "السلطات العمانية لا تستطيع تجاهل الرأي العام في الداخل، بما في ذلك حقيقة أن بعض شرائح المجتمع تؤيد العمليات البحرية التي يشنها الحوثيين وتعتبرها دفاعًا عن غزة".

 

ويضيف: "يحظى المفتي العام لعمان، أحمد بن حمد الخليلي، بشعبية كبيرة بين العمانيين. وقد أيد الخليلي العمليات العسكرية للحوثيين واستخدم لغة قوية للتنديد بالضربات الإسرائيلية ضد أنصار الله في وقت سابق من هذا العام. تساعد هذه الديناميات المحلية في تفسير سبب ذهاب حكومة سلطنة عمان، على الرغم من معارضتها لهجمات أنصار الله البحرية، إلى أبعد من أي دولة أخرى في مجلس التعاون الخليجي في إدانة التدخل العسكري البريطاني والأمريكي في اليمن، الذي بدأ في يناير".

 

وقال: "على الرغم من أن المزيد من العمانيين يتبنون روايات مؤيدة لإيران ويعزون الائتلاف الإقليمي المعروف باسم "محور المقاومة" في الوقوف في وجه إسرائيل، إلا أن مسقط تحافظ على نهج عملي ومتوازن في سياستها الخارجية. وترى قيادة عمان أن الشراكات مع بريطانيا والولايات المتحدة ضرورية. وفي هذا السياق، لا يتوقع أحد أن تصبح السلطنة عضوًا في "محور المقاومة" أو أن تقف باستمرار مع إيران ضد الغرب، حتى وإن كان هناك عدد متزايد من العمانيين يرغبون في تغيير جذري من حكومتهم".

 

اتهامات ضد عُمان

يتابع الكاتب في مقاله: "أدى التزام عُمان بالتعامل مع جميع الأطراف في اليمن، بمن فيهم الحوثيين، إلى تلقي مسقط لانتقادات بزعم غض الطرف عن عمليات نقل الأسلحة الإيرانية عبر الأراضي العمانية التي يُقال إنها بدأت في عام 2016. وقد كررت بعض الأصوات في واشنطن وآخرون في شبه الجزيرة العربية هذا الادعاء، ويرون أن عُمان قريبة جدًا من إيران".

 

ونقل الكاتب عن الإسماعيلي ضمن حديثه لـ "أمواج ميديا": "لقد نفت الحكومة العمانية الاتهامات بدعم الحوثيين أو تزويدهم بالسلاح، مؤكدة التزامها بالحياد والاستقرار في المنطقة. وقد تنبع بعض الاتهامات من توترات جيوسياسية، خاصة من جهات تشارك بعمق في الحرب ضد الحوثيين وقد تنظر إلى موقف عُمان المحايد بريبة".

 

وقال: "رغم فشل أولئك الذين استمروا في إطلاق هذه الاتهامات في تقديم أدلة على تسهيل عُمان لتهريب الأسلحة، والذي قد يكون قد حدث على نطاق محدود للغاية من خلال محاولات غير قانونية من قبل عملاء إيرانيين باستخدام المنطقة الحدودية الطويلة والمُقفرة، فإن عُمان "عضو كامل العضوية في مجلس التعاون الخليجي ومنفذ صارم لقوانينه"، كما أكد كيشيشيان، مشيرًا إلى أن مسقط "لم تكن لتوافق على مثل هذا التهريب".

 

وأضاف: "رغم هذه الاتهامات، فإن حياد عُمان النسبي والتزامها بتخفيف الكوارث الإنسانية وتوحيد الأطراف المختلفة في اليمن قد أكسبها الكثير من حسن النية لدى العديد في اليمن والحكومات في جميع أنحاء العالم ومسؤولي الأمم المتحدة".

 

وتابع: "على الرغم من أن الظروف الإقليمية والدولية في فترة ما بعد الـ 7 أكتوبر قد جعلت الجهود الدبلوماسية العمانية في اليمن وأماكن أخرى أكثر تحديًا، إلا أن المسؤولين في مسقط ما زالوا ملتزمين بمساعدة مختلف الجماعات اليمنية على الاتفاق والتوصل إلى تسوية سياسية تحافظ على وحدة الدولة اليمنية وتحد من التأثير الكبير للجهات الخارجية في تشكيل مستقبل اليمن من خلال التدخل العسكري المباشر أو بالوكالة".

 

واختتم الكاتب بتأكيد الدبلوماسي العماني، أن "سلطنة عُمان تعتقد أن شكل الدولة اليمنية هو أمر يجب أن يقرره اليمنيون أنفسهم خلال مرحلة الحوار السياسي دون أي تدخل خارجي"، مضيفًا "يجب على جميع البلدان المعنية مساعدة اليمنيين على التوصل إلى تفاهم فيما بينهم".

 

للإطلاع على المادة الأصلية من هنا

 

 


تعليقات
square-white المزيد في ترجمات