آخر الأخبار

مؤرخ فرنسي بارز: هكذا تقوم دولة الإمارات بلعبة ثلاثية في غزة

يوسف العتيبة، سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة. 6 يوليو 2016

يوسف العتيبة، سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة. 6 يوليو 2016

المهرية نت - متابعات
الأحد, 23 مارس, 2025 - 11:30 صباحاً

تحت عنوان “اللعبة الثلاثية للإمارات العربية المتحدة في غزة”، قال جان بيير فيلو، الأكاديمي والمؤرخ الفرنسي المعروف، في مقال رأي بصحيفة “لوموند”، إن دولة الإمارات العربية المتحدة، بينما تطوّر شراكتها الإستراتيجية مع إسرائيل، تتظاهر بالانضمام إلى الإجماع العربي بشأن قيام دولة فلسطينية، وتحرص على إظهار مساعداتها الإنسانية في قطاع غزة.

 

لا يوجد “بديل”، بل “بالفعل لا يوجد”، لخطة دونالد ترامب، الهادفة إلى تحويل قطاع غزة إلى “كوت دازور الشرق الأوسط”، بمجرد إفراغ القطاع من سكانه. لم يتم الإدلاء بهذه التصريحات في الولايات المتحدة أو إسرائيل، بل في دبي، الشهر الماضي، على لسان يوسف العتيبة، السفير الإماراتي القوي في واشنطن، يُشير الأكاديمي الفرنسي المخضرم، مضيفاً أن العتيبة، منذ توليه منصبه في عام 2008، استطاع إقامة علاقات وثيقة مع القادة الأمريكيين من مختلف التوجهات السياسية، وتطوير حملة ترويجية ضخمة لدولة الإمارات. وكان في قلب مفاوضات اتفاق الشراكة الإستراتيجية بين إسرائيل والإمارات، الموقّع في سبتمبر/أيلول عام 2020 في واشنطن ضمن “اتفاقيات أبراهام”. وخلال تلك الفترة، نسج علاقات وثيقة مع دونالد ترامب وفريقه، وهي علاقات أصبحت الآن ذات أهمية قصوى.

 

إجماع شكلي

 

السفير العتيبة مقرّب من رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، وشقيقه الأصغر عبد الله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي. لذا، فإن تصريحاته هذه ليست مجرد زلّات لسان، بل تعكس التوجّه العميق لدولة الإمارات، حتى لو انضمّت رسمياً، كما حدث خلال القمة العربية الأخيرة في القاهرة، إلى الإجماع الداعم لإقامة دولة فلسطينية، يقول جان بيير فيلو.

 

وهذا ليس مفاجئًا، يتابع جان بيير فيلو، إذ إن معاهدة السلام بين إسرائيل والإمارات لا تتضمن أي إشارة إلى إقامة دولة فلسطينية، بل تتماشى تمامًا مع “رؤية السلام” التي طرحها دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في يناير/كانون الثاني عام 2020. وقد جاءت هذه “الرؤية” كإنذار نهائي للطرف الفلسطيني، الذي رفض بالإجماع ضمّ أجزاء من الأراضي المحتلة في القدس الشرقية والضفة الغربية.

 

على الأقل، كانت خطة ترامب في عام 2020 تتضمن إمكانية استعادة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة بعد نزع سلاح حركة “حماس”. لكن نتنياهو يرفض الآن بشكل قاطع هذا السيناريو، حتى لو أدى ذلك إلى تعزيز موقف “حماس”. أما الإمارات، فهي تسعى إلى تقويض نفوذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس في غزة من خلال دعم منافسه محمد دحلان، وهو من أبناء غزة ويقود تيارًا منشقًا داخل حركة “فتح”، يقول الأكاديمي والمؤرخ الفرنسي المعروف.

 

واعتبر جان بيير فيلو أن الأعلام التي ترفعها عناصر “فتح” في مخيمات اللجوء داخل غزة غالبًا ما تعود لأنصار دحلان، الذي يعيش في الإمارات، لكنه لا يجرؤ على العودة إلى وطنه، رغم الدعم الكبير الذي يحظى به هناك.

 

ذريعة العمل الإنساني

 

ومضى الأكاديمي والمؤرخ الفرنسي قائلاً إن التحركات الإماراتية، التي تتمتع بتمويل سخي، تؤدي فقط إلى زيادة حالة الفوضى داخل حركة “فتح”، ما يخدم مصلحة “حماس”، التي تسمح فقط لمساعدي دحلان بالعمل داخل غزة في مهام إغاثية بحتة.

 

وبسبب غياب شركاء فلسطينيين سياسيين، قررت الإمارات، في شهر مارس/آذار عام 2024، التعاون مع منظمة أمريكية غير حكومية، “وورلد سنترال كيتشن” (WCK)، لإرسال شحنات غذائية إلى غزة عبر البحر من قبرص، في وقت كانت فيه جميع المنظمات الإنسانية تدعو إلى إعادة فتح المعابر البرية، يشير جان بيير فيلو.

 

لكن هذا التعاون انهار بعد الغارة الإسرائيلية التي استهدفت المنظمة في الأول من أبريل/نيسان عام 2024، وأدت إلى مقتل ثلاثة متطوعين دوليين، وثلاثة من حراس الأمن البريطانيين، وسائق فلسطيني، يُتابع الأكاديمي الفرنسي، موضّحًا أن الإمارات أرسلت لاحقاً 2500 شاحنة مساعدات عبر مصر خلال عام واحد، وهو رقم يبدو كبيرًا لكنه لا يغطي سوى خمسة أيام من الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع. وقد حاول المسؤولون الإماراتيون الحد من جشع الوسطاء المصريين، لكن دون نجاح كبير، وفق المؤرخ الفرنسي.

 

السكان الذين يحصلون على هذه المساعدات يقدرون جودتها، سواء من حيث المواد الغذائية، أو الملابس، أو المعدات. كما أن الشيخ محمد بن زايد أشرف على نقل مئات المرضى والجرحى من غزة إلى أبو ظبي، وهو عدد كبير لكنه لا يقترب من الحاجات الفعلية، التي تتطلب إجلاء حوالي 12 ألف حالة للعلاج، يواصل جان بيير فيلو.

 

ورغم هذا النشاط “الإنساني”، ظلت الإمارات صامتة منذ استئناف الحرب الإسرائيلية على غزة في 17 مارس/آذار الجاري، وهو صمت يرقى إلى مستوى الموافقة، خاصة أن الشيخ طحنون بن زايد، مستشار رئيس الدولة وشقيقه، كان في زيارة إلى البيت الأبيض بعد يوم واحد فقط، حيث حضر مأدبة عشاء مع دونالد ترامب، دون أي ذكر رسمي للوضع الكارثي في غزة، على حد قول الأكاديمي والمؤرخ الفرنسي.

 

ترجمة: القدس العربي 

 

 

 


كلمات مفتاحية:


تعليقات
square-white المزيد في عربي