آخر الأخبار
نقل مقرات البنوك إلى عدن... هروبٌ من العقوبات أم خطوة لإنقاذ العملة؟ (تقرير خاص)

البنك المركزي اليمني في عدن
الإثنين, 17 مارس, 2025 - 10:58 مساءً
في خطوة تهدف إلى تفادي العقوبات الأمريكية المفروضة على جماعة الحوثي والكيانات المتعاملة معها، أعلنت غالبية البنوك اليمنية، التي كانت تتخذ من صنعاء مقرًا لها، نقل مراكزها وأعمالها إلى العاصمة المؤقتة عدن.
يأتي هذا التحرك في ظل تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية نهاية يناير الماضي، مما دفع البنوك إلى اتخاذ تدابير لحماية مصالحها وضمان استمرار خدماتها.
ويوم السبت الماضي، أعلن البنك المركزي اليمني في عدن أن "غالبية البنوك التي تقع مراكزها في صنعاء قررت نقل مراكزها وأعمالها إلى عدن، تفاديًا للعقوبات الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على الحوثيين والكيانات المتعاملة معهم".
كما رحب البنك بهذا القرار، وفقًا لبيان أصدره عبر حسابه على منصة فيسبوك، مؤكدًا استعداده لتقديم الدعم والحماية اللازمة للبنوك والمؤسسات المالية لضمان استمرارية خدماتها للمواطنين في الداخل والخارج.
وشدد البنك على ضرورة التعامل مع هذا التحول بمسؤولية وعناية فائقة للحفاظ على ممتلكات المواطنين وتجنب أي عواقب غير مواتية.
ويوم الاثنين، أعلن البنك المركزي اليمني في عدن، أن 8 بنوك تجارية في صنعاء أخطرته بنقل مراكزها الرئيسة إلى العاصمة المؤقتة للبلاد وهي:" بنك التضامن، بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، مصرف اليمن والبحرين الشامل، البنك الإسلامي اليمني للتمويل والاستثمار، بنك سبأ الإسلامي، بنك اليمن والخليج، والبنك التجاري اليمني، وبنك الأمل للتمويل الأصغر".
ويثير هذا التطور تساؤلات حول تأثير نقل مقرات البنوك إلى عدن على استقرار العملة المحلية والاقتصاد الوطني، في حين يأمل البعض أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز الاستقرار المالي في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
الحد من المضاربة بالعملة
في هذا الشأن، يقول الباحث والمحلل الاقتصادي وحيد الفودعي لـ"المهرية نت" إن:" نقل البنوك من صنعاء إلى عدن يسهم في تعزيز دور البنك المركزي في عدن بإدارة السياسة النقدية وتقليل سيطرة أنصار الله على التدفقات المالية، مما قد يساعد على الحد من المضاربة على العملة وتحسين إدارة السيولة".
وأضاف الفودعي أن "التأثير الفعلي على تعافي الريال اليمني مرهون بمدى قدرة البنك المركزي على استعادة الثقة المصرفية وتأمين تدفقات النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية".
وأشار إلى أن "البنوك في عدن ستواجه تحديات كبيرة، أبرزها ضعف البنية التحتية المصرفية، والمخاطر الأمنية، وإعادة هيكلة العمليات المالية والإدارية، إلى جانب محدودية الوصول إلى الاحتياطات الأجنبية".
وحول تحقيق تعافٍ حقيقي للعملة المحلية، شدد الفودعي على ضرورة التركيز على استعادة تصدير النفط بعد التوقف بسبب هجمات الحوثيين الإرهابية على موانئ التصدير وحقول الإنتاج، إذ يشكل النفط المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي، كما أن استئناف الصادرات سيدعم الاحتياطات النقدية واستقرار سعر الصرف.
وأردف "من الضروري أيضًا تعزيز الشفافية في العمليات المصرفية، وتحفيز الاستثمارات، وضبط الإنفاق الحكومي، مع توحيد السوق المصرفية الرسمية لتقليل الاعتماد على السوق السوداء. معالجة هذه العوامل بشكل متكامل هو ما سيحدد مدى نجاح أي إجراءات لتحسين وضع الريال اليمني".
اتجاه إجباري
بدوره، يقول الصحفي الاقتصادي محمد الجماعي: "إن نقل مقرات البنوك كان اتجاهًا إجباريًا كان لا بد لهم من المضي فيه دون انتظار العصا الأمريكية، والاكتفاء بتلويح العاصمة عدن بتهديدات ناعمة تجنبها الوصول إلى هذا المصير".
وأضاف لـ"المهرية نت" : " لقد كان واضحًا منذ مارس 2024 أن القطاع المصرفي في صنعاء بحاجة إلى عملية قسرية لإنقاذه من الوصمة الدولية بالإرهاب، بسبب تورطه في العمل مع جماعة إرهابية، لكن لا أحد يستطيع الجزم بالسبب الذي دفع تلك المصارف إلى التمترس خلف وعود وأوهام حوثية، بُنيت على احتمال قدرة الحوثيين على التحايل للحصول على صفقات قد تؤخر تلك العقوبات".
وتابع " السلوك الاقتصادي في صنعاء كان يسير بسرعة فائقة نحو هذا المصير، معتمدًا - بعد تدليل جهات دولية - على ضعف تماسك الشرعية وتراخي قراراتها".
ورأى الجماعي أن "لهفة البنك المركزي في عدن للترحيب بقرار البنوك، والتي عكستها مفردات ولغة البيان، أمر طبيعي، إذ إن البنك المركزي في عدن هو بنك البنوك، وقريبًا سيحتضن عائلته المصرفية، وهو المسار الطبيعي بعد انقسام دام نحو تسعة أعوام، وقد سبق أن سعى إلى هذا الأمر سابقًا بكل وسائل الترغيب والترهيب".
وأفاد الجماعي بأن "البنك المركزي سينفرد بالقرار المتعلق بالسياسة النقدية دون معارضة، حتى لو كان هذا الامتثال مدفوعًا بقوة الدولة الأقوى اقتصاديًا في العالم، بل حتى لو كانت الخزائن العائدة إلى عدن فارغة، إذ إن ذلك أمر معروف سلفًا".
واستدرك قائلًا: "ترحيب البنك يعد مؤشرًا على الجاهزية المسبقة والاستعداد اللاحق لتهيئة عمل البنوك المنتقلة، وتحمل تبعات انتقالها أو جزء منها، وفقًا للمسؤولية القانونية أو للحالة الراهنة".
واختتم حديثه قائلًا: "من أهم المكاسب هي تقييد قدرة الحوثيين على فرض سياساتهم القسرية، التي أوصلت القطاع المصرفي في صنعاء إلى هذه التراجيديا، وبالتالي ستتمكن الإجراءات الإصلاحية للبنك المركزي الرسمي من النفاذ بسهولة والتنفيذ تدريجيًا".
