آخر الأخبار

بعد عشر عجاف.. أبناء عدن يستقبلون رمضان بأيدٍ فارغة وأزمات متكررة (تقرير خاص)

بعد عشر عجاف.. أبناء عدن يستقبلون رمضان بأيدٍ فارغة وأزمات متكررة (تقرير خاص)

بعد عشر عجاف.. أبناء عدن يستقبلون رمضان بأيدٍ فارغة وأزمات متكررة (تقرير خاص)

المهرية نت - تقرير خاص
الثلاثاء, 25 فبراير, 2025 - 08:08 مساءً

يعيش جميل راجح (34 عاماً )، أوضاعاً معيشية قاسية مع اقتراب شهر رمضان المبارك، فليس بمقدوره شراء الاحتياجات الرمضانية المتنوعة التي اعتاد شراءها سنوياً، بسبب انعدام فرص العمل، وانهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، إذ فرضت الأزمة السياسية والاقتصادية المستمرة منذ عشر سنوات عجاف واقعا معيشيا صعبا، ويبرز الغلاء الفاحش وانقطاع الخدمات كعوامل رئيسية تعكر صفو استقبال الأجواء الرمضانية.

 

يعمل جميل راجح عامِلاً بالأجر اليومي في مهنة الرنج، في مدينة عدن الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، ويستقبل رمضان هذا العام وهو يعاني ظروفا معيشية متدينة، ففي عدن لم يعد المشهد مجرد أزمة خدمات تتكرر بل سورة مكثفة للدولة الغائبة، كهرباء مقطوعة ومياه شحيحة، وعملة منهارة, وانهيار اقتصادي غير مسبوق، وتحذيرات من كارثة وشيكه, والشارع يغلي بالاحتجاجات, وأصوات الغضب تعلو في وجه حكومة غائبة, وسلطة محلية عاجزة,وفساد مستشرٍ, وتحالف يواصل إدارة المشهد بمنطق الوصي لا الشريك.

 

ومع قدوم شهر رمضان، يُقبل الأهالي على تسوق المواد الغذائية بكثافة، وفي بلد يعيش انهيارًا اقتصاديًّا، ترتفع أسعار المواد الغذائية بشكلٍ متسارع، حيث شهدت أسواق مدينة عدن منذ مطلع الشهر الماضي، ارتفاعا كبيرا في أسعار جميع السلع الأساسية الغذائية والاستهلاكية، ودفع استمرار انهيار العملة المحلية في مناطق الحكومة اليمنية معظم المواطنين إلى دائرة الفقر، حيث يعاني أكثر من 60% من السكان من انعدام الأمن الغذائي وفقا لتقارير أممية.

 

استقبال بأيدٍ فارغة

يقول جميل لـ"المهرية نت": "يأتي رمضان هذا العام بالتزامن مع وجود حالة ركود غير مسبوقة في الأعمال مقارنة بالسنوات الماضية". فهو طيلة شهر رجب وشعبان، كان يذهب في الصباح الباكر إلى حراج العمال بحثا عن عمل لتأمين لقمة العيش لأفراد عائلته، لكنه يعود إلى منزله في غالبية الأيام، دون الحصول على فرصة للعمل، وهذا حال معظم عمّال الأجر اليومي في مدينة عدن وبقية المحافظات اليمنية".

 

تمامًا مثل جميل، لم يتمكن كامل مهيوب (40 عاماً)، من شراء الاحتياجات الرمضانية هذا العام بسبب تدهور وضعه المعيشي،وارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات كبيرة، لا تتناسب مع مستوى دخله المحدود، فهو يعمل بالأجر اليومي بمهنة النِّجَارة في مديرية الشيخ عثمان بعدن.

 

يقول كامل لـ"المهرية نت": "نستقبل رمضان هذا العام بظروف بالغة الصعوبة، همُّنا الوحيد هو كيف نوفر الأشياء الضرورية من كيس القمح والأشياء الضرورية، أما الأشياء الأخرى مثل التمر والأرز وحتى الخضروات، فأصبحت من الماضي؛ الجيوب فارغة، والأعمال متوقفة".

 

ثم يضيف: "أنا مثل غيري من العمّال، أصبحت الاحتياجات الرمضانية تمثل عبئا كبيرا علينا، وكل عام نأمل أن يكون الوضع أفضل، لكن الأسعار لا تتوقف عن الارتفاع، كنا في السابق نشتري كل مستلزمات رمضان قبل أسابيع، أما الآن لم نفكر حتى الآن لشراء مستلزمات رمضان".

 

انهيار كارثي

وفقاً لتقرير أممي حديث أن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن شهدت تفاقماً إضافياً نهاية العام الماضي، مع وجود 64% من الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها من الغذاء الكافي.

 

إلى ذلك، يقول الأكاديمي، الدكتور مجاهد عمر، لـ"المهرية نت"، إنّ "مدينة عدن باتت قبل قدوم شهر رمضان جامدة وعديمة الحركة، نتيجة ضعف الحركة الشرائية في الأسواق التي كانت تشهد زحاما شديدا في مثل هذه الأيام من شهر شعبان، ويحرص سكانها على التزود بكافة احتياجاتهم التموينية لشهر رمضان".

 

يضيف مجاهد: "يشكو اليوم السواد الأعظم من الناس، ظروفَ معيشةٍ صعبة، تعاني منها الأسر العدنية، حيث أصبح الغلاء يحاصرها من كل اتجاه؛ بسبب انهيار العملة المحلية، ووضع البلاد عمومًا"، مشيراً إلى أنّ "رمضان في هذا العام يعود إلى مدينة عدن في لحظة حرجة في حياة المدينة، حيث تعيش وسط تردٍ خدمي, بينما تعيش الحكومة اليمنية بدورها غير مكترثة, والمجلس الانتقالي الانفصالي، يمضي في معارضته، واضعاً العصا في عجلة استعاده الدولة المزعومة".

 

وأضاف: "بفعل انهيار الوضع توسعت رقعه الاحتجاجات في مدينة عدن، وامتدت من كريتر إلى التواهي إلى البريقة، مع هتافات غاضبة,وإدانات للحكومة ومجلس القيادة, والتحالف الذي وعد فأخلف وتدخل فعطل وأدار المشهد ليصل إلى هذا الوضع المزرى الذي يحيط بالبلاد من كل اتجاه".

 

 

وأوضح:" أنّ غلاء الأسعار مع تدهور سعر صرف العملة، يأتي في ظلّ انقطاع متواصل لمرتبات أغلب المواطنين، وعليه يفترض أن تقوم الحكومة بدورها الصحيح تجاه مرتبات الموظفين، وتعمل على تشكيل لجنة للنزول إلى الأسواق لضبط الأسعار؛ لأنّ الغلاء أثقلَ كاهل المواطنين, والعمل على معالجة انقطاع الخدمات بشكل جذري".

 

من جهته، يرى الإعلامي مصعب عفيف، في حديثه لـ"المهرية نت"، أنه "من المؤلم أن يحلّ شهر رمضان وأبناء عدن يعيشون أزمات مختلفة، خصوصًا أزمة الغلاء الفاحش التي تعصف بالمدينة، وتكاد تجعلها مدينةً يسودها الظلام والكآبة"، لافتاً إلى أنّ "الكثير من الأُسَر العدنية تخلّت عن الكثير من الأشياء الكمالية منذُ سنوات؛ نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية، في ظل سيطرة مليشيا الانتقالي على المدينة، التي عطلت عمل الحكومة، مما خلق فوضى عارمة، تعصف بالمواطن العدني".

 

تكلفة باهظة

عشر سنوات مضت والتحالف يدير المشهد كقوة فوق الدولة يسقطها حيناً ويحركها  حيناً آخر, والنتيجة تحول المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الخاضعة لتحالف إلى كتله سكانية مفرغة من الدولة, لا سلطة ولا خدمات, ويرى مراقبون أن غضب الناس بلغ أشده ويقترب من التحول إلى موجه جارفة, والشعب الذي صمت وصبر طويلا يبدو اليوم على وشك أن يقول كلمة الفصل.

 

من جانبه، أصدر التكتل الوطني بيانا ندد فيه بالانهيار الخدمي والاقتصادي في عدن وبقية المحافظات المحررة، مطالبا بإقالة الفاسدين ومحاسبتهم، وكذلك التنسيقية العدنية هي الأخرى حملت مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والسلطات المحلية وكافة الأطراف الفاعلة في الشأن العام المسؤولية الكاملة.

 

من جانبها ليلى منتصر، وهي أمٌّ عدنية لأربعة أطفال (ولد وثلاث بنات)، تقول لـ"المهرية نت": "جراء ما أحدثه انهيار العملة، بارتفاع الأسعار في مختلف السلع، وعلى وجه الخصوص المواد الغذائية واحتياجات شهر رمضان، وفي ظلّ وضعٍ معيشيّ قاسٍ، أجبرنا على شراء جزءٍ بسيط من الاحتياجات الخاصة بشهر رمضان".

 

وأكدت ليلى، إنّها ذهبت إلى أحد الأسواق في مدينة كريتر بمحافظة عدن, لشراء مستلزمات شهر رمضان، لتُفاجَأ بالغلاء الجنوني في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية؛ ما دفعها لشراء جزء بسيط من المستلزمات، لافتقارها للمال الكافي لتوفير كل الاحتياجات الخاصة بشهر رمضان".

 

وأضافت ليلى أنّ "رمضان هذا العام، سيأتي برفقة الكثير من التكاليف الباهظة على أبناء عدن, فعدن التي عرفت الكهرباء قبل 100 عام وكانت مصدر خير لكل المناطق تعاقب اليوم، ما ذنبي كمواطنة في عدن أن يتم قطع الكهرباء والماء، وينهار الوضع المعيشي، بسبب الخلافات بين سلطات متعددة؟ أصبحنا نشعر أننا كمواطنين في عدن نتعرض لعقاب جماعي، وندفع تكلفة باهظة".




تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية