آخر الأخبار
مرضى السرطان في تعز.. تزايد ملحوظ ووجع لا يٌحتمل ( تقرير خاص )
الاربعاء, 05 فبراير, 2025 - 09:54 صباحاً
كانت تسير بخطوات بطيئة، في صالة الانتظار داخل مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة تعز، تحمل بيدها كيسًا قد بهت لونه وغابت الخطوط التي كانت عليه.
تحمل في هذا الكيس ملفاتها والقليل من الأمل بالشفاء القريب، تتلفت هنا وهناك باحثة عن كرسي فارغ ترمي عليه جسدها المنهار وسط ذلك الزحام الشديد؛ لتبقى عليه تنتظر دورها من أجل الحصول على موعد للجرعة الجديدة.
هذه هي حكاية صفية قائد ( 60 عامًا ) التي أصيبت بمرض السرطان قبل أكثر من عام فدخلت معه مرحلة جديدة من الصراع والمكافحة من البقاء على قيد الحياة.
تقول صفية للمهرية نت " نعاني كثيرًا نحن المصابون بالسرطان، عناؤنا ليس مقصورًا على الوجع الذي يكاد يفتك بنا بين لحظة وأخرى وإنما هو أوسع من ذلك وأمر، ألمنا لا يستطيع أن بتخيله الإنسان المتعافي".
ويصادف 4 فبراير اليوم العالمي لمرضى السرطان، والذي يحتفى فيه العالم كل عام بهدف زيادة الوعي حول مرض السرطان، وتعزيز سبل الوقاية منه، وتحفيز المجتمعات والحكومات على دعم المرضى وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم.
ويأتي احتفاء العالم بهذه المناسبة في الوقت الذي تشهد فيه اليمن ارتفاعًا مخيفًا في عدد المصابين الذين تتفاقم معاناتهم؛ نتيجةً لاستمرار الحرب والحصار الذي يمنع دخول الأدوية والمستلزمات والأجهزة التشخصية والعلاجية الخاصة بالأورام السرطانية.
وتضيف لـ"المهرية نت" أصبت بالسرطان قبل أكثر من عام، إذْ اكتشفت أني مصابة بورم في ظهري وبعدها تنقلنا أنا وابني في العديد من المستشفيات داخل مدينة إب لنرى ما سبب هذا الورم وما نوعه".
وأردفت" تم تحويلنا إلى صنعاء وهناك عانينا كثيرًا إذ اضطررنا أن نبقى في أحد الفنادق هناك مدة عشرة أيام وكان اليوم الواحد بعشرة آلاف ريال والظروف لا تسمح لنا بدفع هذا المبلغ بشكل يومي، لكنا عدنا بعدها إلى مدينة إب، وتم تحولينا مرة أخرى إلى صنعاء وبعدها إلى تعز".
وتابعت" اضطررنا بعدها الدخول إلى مدينة تعز لأجل أن أتعاطى الجرع، واستقريت هنا مع ابني، من أجل أخذ الجرع والمتابعة المستمرة دون مزيد من هدر الأموال غير المتوفرة بأيدينا".
وواصلت" السرطان لا يصيب الشخص بعينه، لا يتعبه وحده وإنما يتعب أسرة المريض كلها، التكاليف التي يتطلبها هذا المرض باهظة جدا ونحن اليوم في وضع معيشي لا نحسد عليه، نسأل الله السلامة".
*ارتفاع أعداد المرضى
وبهذا الشأن تقول، امتياز الزبير مدير إدارة الإعلام في المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان - تعز" ازداد عدد مرضى السرطان هذا العام عن الأعوام السابقة، فالحالات المقبلة على مركز الأمل خلال عام 2024 وصلت إلى 1626حالة مرضية جديدة، أما الحالات الجديدة لعام 2023 كانت 1211 فالملاحظ أن هناك فرقا كبيرا في ازدياد عدد الحالات".
وأضافت الزبير لـ" المهرية نت" الازدحام في مركز الأمل شديد، والضغط على الأطباء والمخبر كبير جدا، ومع ذلك نحن لا نستطيع أن نتخلى عن مسؤوليتنا تجاه مرضى السرطان، هذا المركز يقدم خدماته لمرضى السرطان ولا يستطيع أن يتجاهل هذه الأعداد".
وتابعت" نحن نقدم الخدمات المتاحة بحسب إمكانياتنا، صحيح نحن لا نقدم الخدمات 100% كما كنا في السابق وذلك بسبب التراجع الكبير في الدعم إثر ما حدث لإخواننا في غزة الأمر الذي صوب الأنظار تجاه قضية الأبرياء هناك وتفاعل معها الداعمون الذين كانوا يدعمون مرضى السرطان، لكن نحن عندنا أمل أن يكون هناك التفاف مجتمعي حول هذا الموضوع ويكون هناك دعم كبير لمرضى السرطان هذا العام بشكل أفضل من العام السابق".
وأردفت" المريض في المركز لا يحصل على كل الخدمات التشخيصية والعلاجية ماجانًا، فهو يضطر للمساهمة بجزء بسيط من المبلغ، وهذا الجزء هو حمل ثقيل على أسر المرضى لكن المركز غير قادر على أن يقدم كل الخدمات في ظل تراجع الدعم من ناحية، والإقبال الكبير عليه من ناحية أخرى".
وواصلت" مركز الأمل من هذا الصرح الإعلامي يوجه نداء إنسانيا لكل الخيرين والداعمين للمساهمة لصالح مرضى السرطان، كل بحسب قدرته فقضية مرض السرطان هي قضية الجميع ومركز الأمل هو مركز يخدم المجتمع، يخدم محافظة تعز وأربع محافظات مجاورة لها".
ووجهت الزبير" دعوة المنظمات الخارجية ومنظمات المجتمع المدني بأن تساهم بدعم المركز حتى يستطيع أن يقدم خدمات أكثر جودة، ويشمل المرضى بجميع خدماتهم، فأغلب أسر المرضى هي أسر فقيرة محتاجة للدعم، وضعها الاقتصادي لا يسمح بأن تتحمل عبءً جديدا اسمه السرطان فهذا المرض يحتاج إلى ملايين حتى يصل المريض لمرحلة الشفاء".
*يثيرُ القلق بين أوساط المجتمع
ويثير تزايد عدد حالات الإصابة والوفاة- الناتجة عن هذا المرض- القلق والخوف في أوساط اليمنيين خصوصًا في ظل العجز الكبير في الخدمات الطبية الخاصة بالمرضى المصابين بهذا المرض وفي ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطنون اليوم.
بدورها تقول هاجر الصبري" فارقت عمتي الحياة قبل أربعة أشهر إثر مرض السرطان، لم تكن تعلم أنها حاملة لهذا المرض،كانت تعيش في جبل صبر كغيرها من فتياة الريف في بعد عن التشخيص الطبي إذا ما أحست بأي أعراض مرضية".
وتضيف الصبري لـ" المهرية نت" كانت عمتي تعاني من آلام مستمرة لا تستطيع تحديدها في جسمها ولما اشتد بها المرض قام الأهل بالسفر بها إلى مدينة تعز، لكن الأطباء قاموا بتحويلها إلى صنعاء وهناك تم التشخيص بأنها مصابة بسرطان الدم".
وتابعت" من أول ما تم تشخيص المرض كان قد استشرى في دمها فتم تحوليها إلى العناية المركزة لتستمر فيها لشهرين فقط وبعدها فارقت الحياة على سرير المستشفى وهي لم تصل بعد سن الأربعين من عمرها".
وواصلت" ليست عمتي وحدها من أصيبت بالسرطان لكن هذا المرض ازداد بشكل مخيف في الفترات الأخيرة حتى أننا أصبحنا نخاف أن نكون ضحاياه الجدد".
وبحسرة أردفت" كانت لي زميلة في المدرسة جاءت ذات مرة بعينين ذابلتين تبحث عن مديرة المدرسة سألتها لم أنت هكذا؟، فقالت لي أنا مريضة وقد ظننت حينها أنها مصابة بمرض عادٍ كالحمى وغيره، لكني تفاجأت بعد أسبوع أنها تركت التدريس لتتفرغ لمرحلة العلاج بالكيماوي فقد أصيبت بسرطان الثدي وقد أجرت جرعتين في مركز الأمل".
واختتمت" هذا المرض قاتل ومخيف في الوقت ذاته، ينبغي على السلطات وأصحاب النفوذ النظر لحال المرضى المصابين بهذا المرض ودعمهم ولو بالقليل حتى تقوى معنوياتهم ويستطيعون التغلب على هذا الداء".