آخر الأخبار
كيف أثّر إضراب المعلمين على مستوى الطلاب في محافظة تعز؟ ( تقرير خاص)
الأحد, 12 يناير, 2025 - 11:30 مساءً
في ظل الظروف التي تمر بها البلاد وما لحقها من تأثيرات سياسية واقتصادية، وقف المعلم اليمني في محافظة تعز حائرا بين طلابه ومرتبه، والذي بات لا يوازي 130ريالا سعوديا.
خلال الثلاثة الأشهر الماضية لم تصرف مرتبات المعلمين، وبدلاتهم السنوية وتحفيزاتهم التشجيعية، أسوة ببقية المحافظات خصوصا مع استمرار تدهور الريال اليمني وتجاوز سعر الدولار الواحد 2100ريالا يمنيا.
هذا الأمر أجبر نقابة المعلمين اليمنيين في محافظة تعز على ممارسة احتجاجات مستمرة خلال الأسابيع الماضية، مطالبة بمستحقات المعلمين المالية المتأخرة وبدل غلاء المعيشية والنظر إلى قانون الأجور والمرتبات وإصلاحه بما يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وصرف العلاوات السنوية للأعوام 2021م- 2024م.
ودعت النقابة المعلمين - في بيان لها صدر في 19 ديسمبر كانون الأول- إلى ارتداء الشارات الحمراء أثناء تأديتهم العمل الوظيفي، لمدة أسبوع، بغية حث الجهات المعنية للاستجابة لمطالب المعلمين، مالم سيمارس المعلمون الإضراب الشامل.
وبعد مرور هذه الفترة، واستمرار الجهات المعنية بغض النظر عن مطالب المعلمين، أصدرت النقابة في 26 ديسمبر بيانا تدعو من خلاله المعلمين إلى الإضراب الشامل في جميع المدارس والمرافق التعليمية وتعليق جميع الأنشطة التربوية وتوقيف التدريس وفقا للقانون كخطوة تصعيدية لضمان مطالب المعلمين والتربويين اعتبارا من 29 ديسمبر حتى صرف المرتبات والمستحقات الأخرى.
كما حملت النقابة السلطة المحلية والحكومة مسؤولية ما آلت إليه أوضاع المعلمين والتربويين وما سيترتب على هذه الإجراءات الاحتجاجية من تداعيات على العملية التعليمية والتربوية.
وعلى الرغم من وصول دعم سعودي للبنك المركزي في عدن، بمقدار 500مليون دولار نهاية الشهر الماضي، إلا أن مرتبات المعلمين للثلاثة الأشهر الماضية" أكتوبر ونوفمبر، وديسمبر". لم تصرف في العديد من المحافظات الواقعة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
ومع استمرار الإضراب وتماهي الحكومة الشرعية، خلق هذا الأمر موجة خوف وقلق لدى طلاب الصف التاسع أساسي والثالث الثانوي، وأولياء أمورهم، كون اختباراتهم مركزية، ومعدة وفقا للخطة الدراسية التي أصدرتها وزارة التربية التعليم، وقد يسهم هذا الأمر في خفض مستواهم الدراسي، وتحصيلهم العلمي.
خلق خوفًا كبيرًا لدى الطلاب
الطالب" أنعم الأحمدي" يدرس في الصف الثالث الثانوي في مدرسة الفوز بمحافظة تعز يقول للمهرية نت إن:" إضراب المعلمين عن التعليم خلق لدى الطلاب خوفا كبيرا؛ جراء عدم إكمال دراسة المناهج المقررة للفصل الأول ناهيك عن الفصل الثاني والذي قد مضت منه عدة أسابيع".
وأضاف" الخطة الدراسية قررت لنا الدراسة في شهر رمضان و الاختبارات النهائية بعد العيد، وإضراب المعلمين في محافظة تعز فقط، سيضعف من تحصيلنا الدراسي، خاصة مع استمرار المحافظات الأخرى في التدريس وفقا للخطة".
وتابع" على الحكومة الشرعية أن توفر مطالب المعلمين وتصرف رواتبهم، وتقدم لهم تحفيزات، بشكل مستعجل، وإلا ستمر الأيام ولن نكمل دراسة المناهج الدراسية، وهذا الأمر سيخلق مشكلة في الامتحان النهائي".
واقترح الطالب" أن يتم تعويض الحصص الدراسية للطلاب الصف التاسع أساسي والثالث الثانوي، وأن يقدم للمعلمين بعض الرسوم التشجيعية، وأن يعمل الطلاب على الاهتمام والمذاكرة أولا بأول".
يؤثر على مستوى الطلاب
في ذات السياق، يقول عبد الرحمن المقطري الأمين العام لنقابة المعلمين اليمنيين في محافظة تعز إن" الإضراب يؤثر بشكل كبير على مستوى الطلاب والطالبات في محافظة تعز خاصة مع عدم تعديل الخطة الدراسية، والفصل الدراسي الثاني قصير جدا وقد مرّت منه ثلاثة أسابيع وهذا الأمر ينعكس سلبا على طلاب الصف التاسع أساسي والثالث الثانوي كون اختباراتهم مركزية".
وأضاف لـ" المهرية نت" كما أن الإضراب قد يسبب للطلاب بشكل عام تأثيرات أخرى، في جانبهم الأخلاقي والقيم، بسبب الفراغ، وقضائهم أوقات خارج المنازل بعيدا عن جو المدرسة و الانضباط الذي تغرسه في نفوسهم".
وحول الحلول شدد المقطري على ضرورة" تعويض الطلاب بدرورس إضافية، في المساء وتقديم لهم حوافز تشجيعية على المواصلة، والمواظبة، مثل تقديم لهم" وجبات خفيفة". من قبل أسرهم، بالإضافة إلى تقديم حوافز للمعلمين ".
وأشار إلى أن" بعض المدارس المزدحمة بالطلاب لديها فترتين مسائية وصباحية، وإضافة حصص إضافية قد يتسبب بوضع مشكلة، لأولياء الأمور ويخلق قلق لديهم خاصة إذا تأخر أطفالهم إلى الساعة السادسة مساء، ويجب أن يتفق الأباء والأمهات مع المعلمين بتقديم لهم دروس أوقات الإجازة الأسبوعية".
وأكد المقطري أن" مرتبات المعلمين في كشوفات 2011م 2014م لا زالت في حدود 50 ألف، وأوضاعهم إلى الآن لم تتحسن سواء في رفع مرتباتهم الأساسية، أو صرف لهم حوافز تشجيعية، خاصة مع تدهور العملة المحلية".
وشدد على الحكومة الشرعية" ضرورة الاهتمام بالمعلمين وصرف مرتباتهم بانتظام وصرف حوافز تشجيعية لهم، كأدنى حد للحقوق التي يستحقونها في ظل هذه الأوضاع بغض النظر عن مطالبهم الأخرى".
وأردف" كما يجب على المنظمات الدولية والمحلية والمؤسسات الخيرية أن يكثفوا جهودهم لتعويض الطلاب حصص إضافية، وتشجيع المعلمين لممارسة هذه الحصص حتى يستطيع الطلاب الحصول على التعليم الجيد لمقرراتهم الدراسية، وإكسابهم المعرفة العلمية".
بدوره، يقول المعلم" عبده الشلبي".- 54 عاما- يعمل في مدرسة التصحيح الثانوية بني بكاري إن:" المعلم صاحب رسالة سامية وعظيمة حملها من قبله الأنبياء والرسل، فهو دماغ الأمة وعنوان هويتها العملية والثقافية".
وأضاف لـ"لمهرية نت" نتيجة للظروف التي تمر بها البلاد وعدم قدرة المعلم، توفير أدنى متطلبات الحياة له ولأسرته، وعدم حصوله على حقوقه المشروعة، كون راتبه لا يغطي عشرة بالمائة من متطلبات الحياة، إضافة إلى تجاهل الحكومة لمطالبه المشروعة والمستحقة، لجأ إلى أسلوب قانوني كفله الدستور والقانون وهو الإضراب".
وتابع" راتبي 100ألف ريال لا يكفي لتوفير الحاجات الأساسية لأسرتي المكونة من 8 أفراد ومع ذلك لم يتم صرفه بشكل منتظم، وخاصة الأشهر الثلاثة الأخيرة".
يهدّد النظام التعليمي
وأوضح بأن" الإضراب السبيل الوحيد لحصول المعلم على أبسط حقوقه، على الرغم من أنه قد يتسبب بخفض مستوى الطلاب، ويهدد النظام التعليمي وكذلك الأمن الاجتماعي، كون أي تعثر في قطاع التعليم قد يؤدي إلى عواقب وخيمة في المجتمع، منها تسرب الطلاب من المدارس، وانتشار الجرائم".
وأكد بأن" التعليم مجال حيوي يحتاج إلى اهتمام خاص من قبل الدولة ، وعلى الحكومة أن تتخذ خطوات جادة من أجل تحسين وضع المعلمين بحيث تتلاشي السلبيات الناتجة من استمرار الإضراب وضمان مستقبل أفضل للمجتمع".
من جهته يقول المواطن جميل أحمد( أب لثلاثة أبناء يدرسون في المرحلة الإعدادية )إن :" العملية التعليمية تدهورت في اليمن خلال سنوات الحرب الأخيرة بشكل محزن، وخاصة في المدارس الحكومية التي أصبحت تشهد ندورة في حضور المعلمين الأساسيين، وفي كثير من الأحيان تشهد شحة في وجود المعلمين المتطوعين ".
فجوة كبيرة
وأضاف أحمد " الإضراب عن التعليم لا يضر الطلاب وحدهم بل يضر بالمجتمع بشكل عام، اليوم كم قد مضى من الوقت منذ بداية الإضراب، وكم الذي أخذه الطلاب من المقرر الدراسي ونحن مقبلون على شهر رمضان لا شك أن هذا سيحدث فجوة كبيرة في عقول طلابنا".
وأردف" المضربون من المعلمين أضربوا من أجل حقوقهم المشروعة ولهم الحق في ذلك ولكن هل تعي الحكومة أن استمرار الإضراب سيؤثر على المستقبل العلمي للطلاب وهذا سيعود بالضرر الكبير على الدولة التي يديرونها الآن هم، ولا بد من استشعار المسؤولية من قبل الحكومة ووضع حل مناسب لتحقيق ولو بعض مطالب المعلمين".
وتابع" الإضراب أثر بشكل كبير على نفسيات طلابنا، وألاحظ أن أولادي لم يعد لديهم رغبة حتى في قراءة المقرر الدراسي أو الاطلاع عليه، وأصيبوا بالملل الكبير من العلم، فكيف سيكون الحال عند عودة التعليم، لا شك أنهم يعملون على تكثيف الضغط على الطلاب بالمقررات وضياع نسبة كبيرة من الحصص الدراسية عليهم وهذا ما سيزيد الأمر تعقيدا على أبنائنا".
وواصل" كان قد حدث أن قامت الوزارة بإلغاء إجازة السبت على المدارس لما فيه من مصلحة الطلاب بحيث تكون الاختبارات النهائية للفصل الثاني قبل شهر رمضان وهذا الأمر أسعدنا كثيرًا لكنه سرعان ما تم إلغاء القرار ما أحدث حزةً في النفوس أكملها هذا الإضراب ليتحول إلى قلق كبير يصيب الطلاب وأولياء الأمور ".
واختتم" لا نحمل المعلمين أضرار هذا الإضراب فمن حق المعلمين أن يعلنوا الإضراب للمطالبة بحقوقهم وفي الوقت نفسه من حق الطلاب أن يحصلوا على التعليم بشكل كامل ولهذا يجب على الحكومة الشرعية أن تعطي كلا من الطلاب والمعلمين حقوقهم المشروعة لهم بصفتها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها".