آخر الأخبار

ما سبب التذمر الحاصل من رشاد العليمي والمجلس الرئاسي عموماً؟

الثلاثاء, 09 أغسطس, 2022

لنجيب عن هذا السؤال بمسؤولية، بعيداً عن أي حس حزبي أو فئوي لحظي، يتعين علينا أن نطرح سؤالاً بسيطاً أساسياً: ما المهمة، أو المهام، الملقاة على عاتق المجلس الرئاسي؟ بصياغة ثانية: ما الجدوى التي جاء المجلس الرئاسي لتحقيقها وتبرر وجوده؟

بالعودة إلى نص قرار تشكيل المجلس نجد أن جدواه تتوقف على أمرين:
الأول هو العمل على لملمة الصف الوطني وانتظام قواه وطاقاته بما يحقق اللحمة الوطنية المطلوبة والضرورية للمضي قدماً في معركة الشرعية اليمنية ضد الانقلاب.
والثاني إنهاء الانقلاب، سلماً أو حرباً.

في نص القرار نفسه تأطير للآلية والمجالات. أهم نقاط الشق الأول من وظيفة المجلس تتمثل في: إجراء وتعميق المصالحة بين مختلف المكونات تحت سقف الجمهورية اليمنية ممثلة بالمجلس الرئاسي. توحيد القوى العسكرية تحت قيادة المؤسسة الرسمية للدولة التي هي بالطبع وزارة الدفاع، وكذلك يحدث مع مختلف المكونات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية. المعالجات الاقتصادية العاجلة. أما الشق الثاني من الوظيفة فمعروفة آليته: إنهاء الانقلاب سلماً أو حرباً.
سنمضي على عجالة لنرى ما تم إنجازه في هذه المحاور الأساسية التي تشكل جدوى المجلس. لكن قبلها يتعين أن نؤكد أنه من دون إحراز تقدم ملموس في هذه المجالات الأساسية والحيوية فإن مبرر انتقال السلطة من الرئيس السابق يغدو بلا وجود. من السذاجة وانعدام المنطق التعذر بالعراقيل ذاتها التي كانت للرئيس السابق ومنظومته، والتي جاء قرار تسليمه السلطة بناء عليها. سيكون معنى هذا أننا خاوون تماماً، فاقدو عقول ومتواطئون مع هزيمة عميقة نخشى الاعتراف بها ناهيك عن معالجتها.

لا مجال إذن لسوق الأعذار ذاتها التي كانت للرئيس السابق وتشكيلته.

لنأت الآن لمراجعة ما أحرزه المجلس الرئاسي من تقدم في أدائه الوظيفي.

في الشق الأول المتمثل في ترتيب البيت الداخلي، فعلى مستوى المصالحة الوطنية لم تحدث إلا في إطار ضيق، وأشبه ما تكون فقط بدافع من تهيب القوى الإقليمية الراعية. والمنطق يقول إن الضامن الوحيد الكفيل بتوكيد المصالحة وتحقيقها هو في إنجاز الخطوات العملية المتمثلة في عودة كافة مؤسسات الدولة للعمل من داخل العاصمة المؤقتة عدن، ووفق دستور الجمهورية اليمنية، وضم كل القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وكذلك كل القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية، وبالطبع أن يتحقق ذلك بمعالجة مسؤولة لا يتم فيها إقصاء طرف على حساب الآخر. والأساس المنطقي لكل هذا هو في احترام استقلالية المؤسسات والأطر الدستورية اللازم أن يتقيد بها أي قرار. لم يحدث أي من هذا.

رئيس المجلس يتعامل كما لو أنه ضيف لدى المجلس الانتقالي، لا رئيساً للجمهورية اليمنية. ويبدو المجلس في وجوده بعدن كما لو أنه مخطوف من قبل عيدروس والمحرمي، مسؤولَي القوى العسكرية المسيطرة على المحافظات الجنوبية، ما أثر بشكل سلبي على حزمة القرارات التي تم اتخاذها، وإلى درجة أن بعض المعينين في السلك القضائي، الذي يفترض أن يكون محايداً، رفضوا قَسَم الحفاظ على دستور الجمهورية اليمنية أمام رئيس المجلس، في إشارة خطيرة إلى كون المجلس يشرعن تفكيك البلاد ابتداءً من اختيار رجالات الوظائف العليا للدولة التي تمثل الجمهورية اليمنية دستورياً واعتبارياً. لقد حقق المجلس أداء يستحق بموجبه جائزة أسوأ أداء ممكن.

من خلال أدائه السيئ في هذا المحاور، فقد المجلس الرئاسي رصيداً كبيراً من ثقة النخبة السياسية والثقافية.

لنأت الآن لجزئية المعالجات الاقتصادية والتنموية، ولنسأل مثلاً عن سعر الريال في يوم تشكيل المجلس وسعره اليوم، فهذا هو المقياس الواقعي الوحيد لدى المجتمع، على اعتبار أن الناس معنيون بالدرجة الأولى بشؤون معيشتهم اليومية، المعركة الأقصى التي يخوضونها متضورين ومنهكين. ما من تحسن هنا أيضاً. وبهذا الإخفاق خسر المجلس ثقة السواد الأعظم من المواطنين الذين أنهكتهم المجاعة.

إذن، لم يكد يخطو المجلس الرئاسي، بقيادة رشاد العليمي، خطوة واحدة باتجاه أي من المجالات الحيوية للشق الأول من وظيفته.

فماذا عن وضعه في الشق الثاني المتعلق بالمعركة الوطنية؟ خضع لهدنة تستمر في التمديد بلا أي اعتراض منه رغم أن المليشيا الحوثية لم تف بأي من التزاماتها، ولم تتوقف خروقاتها العسكرية والأمنية حتى أسبوعاً واحداً طوال شهور الهدنة، أي منذ مجيء المجلس. المبرر الوحيد الذي كان بوسع المجلس الرئاسي رفعه لإخراسنا في هذه الجزئية من النقد، لو أن هذا الخضوع المخزي توافق مع إعدادات حثيثة في المؤسسة العسكرية تتمثل في توحيد القوى العسكرية وترتيبها والبدء في برامج تدريب واستيراد السلاح الكافي لمعركة تحرير. لكن شيئاً من هذا لم يحدث.

وهكذا فحيثما ذهبت لتتقصى أداء المجلس الرئاسي في كل جزئية تتضمنها وظيفته وجدواه، تجد العوار التام. وإنه بعد هذا كله لمن الغريب أن يأتي من يتعجب من حالة التذمر الحاصلة، أو يحاول إلقاء اللائمة على غير المجلس الرئاسي نفسه، أو يجتزئ حدثاً أو تفصيلاً ويمضي لإنجاز محاكمة كلية بعيدة عن كل هذا الفشل العام.
على أن المقصود هنا ليس تجذير التذمر الحاصل ليتحول إلى يأس، بل هي ضرورة أن نتحدث بالواقع كما هو وأن ندفع بمجلسنا الرئاسي، كونه كرتنا الأخير، أو ربما قبل الأخير، ليصحح وضعه وينجز معالجات حقيقية وملموسة تعيد إلينا بعض الثقة بجدواه.

*نقلاً عن صفحته في فيسبوك

المزيد من عبدالله شروح