آخر الأخبار
جميع الحركات الانفصالية حول العالم عرقية عدا انفصال الانتقالي مناطقي
ليست دعوة المجلس الانتقالي للانفصال الوحيدة من نوعها، فهناك العديد من المناطق الأخرى حول العالم تسعى إلى الانفصال، مثل اسكتلندا في بريطانيا وكاتالونيا في أسبانيا ومقاطعة فلانديرز في بلجيكا وكورسيكا في فرنسا وإقليم بافاريا في ألمانيا وكردستان في العراق، جميع هذه المشاريع الانفصالية عرقية قومية، ولم يتجرأ الغرب الاعتراف بأي من هذه المطالب خوفا من انفراط القومية في أوروبا، ولهذا وقفت أوروبا جميعها في وجه الاستفتاء في إقليم كاتالونيا وإقليم كردستان.
جميع الانفصاليين حول العالم يقدمون الوعود الاقتصادية والازدهار الشامل، وهذا ما ترتكز عليه دعوة المجلس الانتقالي الذي يعد الناس بتحسين معيشتهم، لكن مثل هذه الوعود يكذبها الواقع، فالانتقالي يحصل على أكثر من 300 مليار ريال دخل من مؤسسات الدولة، كالضرائب والجمارك والإتاوات الأخرى ومع ذلك لم يوفر الكهرباء ولا المياه النظيفة ولا حافظ حتى على التخطيط العمراني لمدينة عدن التي تتعرض للنهب والبناء العشوائي.
الانفصال الوحيد الذي تم، هو انفصال جنوب السودان، وهو انفصال أيضا ارتكز على بعد قومي، ومع ذلك تحولت وعود الانفصاليين التي قامت على وعود الثروة إلى سراب ولم يستطع الانفصاليون الإيفاء بوعودهم الاقتصادية القائمة على الرخاء حتى الآن رغم مرور 11 عاما منذ الانفصال، ووفقا لتقارير المنظمات الدولية فإن العديد من السكان عاجزون عن الحصول على ما يكفي من الغذاء لإطعام أنفسهم، والأهم من ذلك بيان دول الترويكا(الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنرويج )، التي أشرفت على توقيع السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية الذي قال: إنه من المحزن للغاية ألا يتحقق الوعد بالسلام والازدهار الذي قطع عند الاستقلال قبل 10 سنوات.
ما أريد قوله، إن ما يجري في اليمن يختلف كلية عما يجري في أقاليم كثيرة حول العالم، فالمشكلة في اليمن مرتبطة بتعثر الإصلاحات السياسية والاقتصادية وأصحاب مشروع الانفصال جزء رئيسي من هذا التعثر، فقد أعاقوا التنمية وأعاقوا عدن كعاصمة مؤقتة، وخسرت عدن الكثير نتيجة للأوهام التي رفعها الانفصاليون بتحويل الجنوب إلى جنة اقتصادية، وتضليل أتباعهم بأن الشمال يسرق ثروات الجنوب مع أن الجنوب خرج عن سيطرة الدولة منذ 2011 وحتى اليوم لم يقل لنا الانتقالي أين هي ثروات الجنوب، في الوقت الذي يعطل تصدير الغاز القادم من الشمال.
ولا أجانب الصواب حينما أقول إن قادة المجلس الانتقالي يدركون أن مشكلة اليمن ليست في الوحدة، بل في إصلاح النظام، وبما أنهم أدوات لدول إقليمية تسعى إلى إعاقة اليمن وضرب استقرارها، فإنهم يضخون الكراهية تجاه الوحدة ويعيقون إصلاح الشرعية والإضرار بالمكتسبات السابقة بدلاً من تعزيزها، والوحدة هنا ليست شيئا مجردا ولا هي أيديولوجية، بل هي مصلحة وحاجة، والمصلحة تتحقق بإيجاد سوق اقتصادي كبير قوامه 30 مليون يمني، بدلا من 7 ملايين فقط.
وإذا لم تتحقق الإصلاحات السياسية والاقتصادية، فإن الانقسام سيظل يضرب داخل القوى السياسية اليمنية وسيظل الانقسام المناطقي حتى لو تأسست دولة الانتقالي، لأن مشكلة اليمن ليست في الوحدة، بل في اختلال المواطنة التي يمارسها اليوم الانتقالي تحت شعارات هلامية وخادعة، فاليمنيون لا يحتاجون إلى انفصال بقدر ما يحتاجون إلى مشروع تنموي وتأسيس دولة المواطنة، بغير ذلك سيظل اليمنيون في حالة تشظي وانشطار إلى جزئيات أصغر فأصغر حتى يتحولون كالحبوب تنقرهم دجاج الإقليم.