آخر الأخبار
من ألوان الأدب الشعبي في سقطرى
من الألوان الأدبية المنتشرة بين الناس في سقطرى عامة ما يسمى بالأحاجي والألغاز. فقد ظل هذا اللون من الأدب متداول إلى اليوم وذلك لبساطته وخلوه من التعقيدات اللغوية وحاجة الناس اليومية إلى التماثل به عند وقوع حوادث ومشاهد مشابهة وأحيانا للمسامرة.
وهذا اللون كغيره من ألوان التراث الأخرى معرضة للاندثار والنسيان كونها لم تدون إلى اليوم ولن يستطيع الباحث العثور عليها إلا بعد جهد شاق.
والنماذج من هذا اللون كثيرة ومتنوعة من ذلك ما نقل أن رجلاً من أهل سقطرى له صديق يقيم في بلد أرسل إلى صديقه يطلب منه أن يرسل له خير القوت في سقطرى قائلاً بلغته السقطرية قائلاً: (عيك مك لودأي انهي حيرت أقنهي) المعني الحرفي: عيك: أريد، مك: منك، لودأي: ترسل، انهي: لي، حيرت، خير، اقنهي: القوت، والمعنى العام(أريد منك ترسل لي خير القوت)، فأرسل إليه ماء فغضب صديقه وأرسل له يعاتبه ترسل لي الماء وكأني ليس عندي ماء، ودارت الأيام دورتها والتقى الرجلان حيث قام الرجل الذي طلب الماء بزيارة صديقه فرحب به وأخذه إلى المكان الذي يرعي فيه أغنامه وأكرمه وذبح له من صغار الأغنام وسقاه اللبن الطازج وطبخ له لبن (اللبأ) أو السرسوب وهو اللبن الذي ينزل بعد ولادة المواشي عند طبخه يكون أصفر اللون ويتحول إلى قطع كقطع الجبن، وهذا الأكلات مشتهرة في سقطرى أنها تعمل على تجفيف الحلق والمعدة وتجلب العطش فيكون الإنسان بحاجة ماسة إلى الماء وهكذا عندما شعر الرجل بالظماء طلب من صديقه أن يجلب له الماء فاعتذر أنه لا يوجد ماء إلا في مكان بعيد وحاول الرجل التصبر ولكن تمكن الظماء منه فجف حلقه وثقلت لسانه وشعر بالهلاك فترجى صاحبه أن ينقده حينها تظاهر الرجل بأنه يجلب الماء من مكان بعيد وهو في الأساس لديه ماء في مكان قريب وكمن لصديقه ينظر كيف يفعل به الظماء فسمعه يصيح ويستغيث وراءه يتلوى من شدة العطش وعندما رأى أنه أجهد كثيرا جلب له الماء فشرب حتى ارتوي فسأله أيش خير القوت فقال: الماء فقال أتذكر عتابك لي حين أرسلت إليك الماء فقال نعم وأنا معترف بخطئي وأيقنت اليوم فعلاً أن خير القوت الماء.
وهذا النوع من المقولات والأحاجي والألغاز كثيرة ومتنوعة يبتكرها الناس من بيئتهم وواقعهم المعاش وغالبا ما ترتبط بحادثة أو قصة وقد توارث الناس الكثير من الأقوال لأشياء يمدحونها وأخرى يذمونها وكثير منها مقتبس من التراث الديني والعربي، وهي أقوال تشبه الحكم، من ذلك قولهم:( عوذ بالله من عاجه مربدوه وصاره جلهه) والمعنى الحرفي: عاجه: امرأة، مربده: عصبية سليطة اللسان، صاره: سكين، جلهه: غير حاد. والمعنى العام أعوذ بالله من امرأة عصبية وسكين غير حاد. فقد اعتبروا ذلك من علامات الشقاء.
ومن أقوالهم: ( أل صامى دي تحار) وهذا يماثل قول المثل: أي ما مات من خلف.
وقولهم:(بر ألهى فولهي) أي ابن البقر تبيعها، ويحكى لمن يشبه أهله ويماثل سيرتهم وأفعالهم.
وقولهم:( إيتى عيفف منل ستا دي هيبيوه) أي: يأكل حمل الغنم أو صغيرها موضع ما تأكل أمه، دلالة على تقليد الأبناء للآباء.
هذا طرفا يسير للاستشهاد وليس الحصر، أردنا منه تذكير الناس بهذا اللون وندعو الناس عامه وأرباب اللغة خاصة إلى تدوينه وحصره.