آخر الأخبار
سقطرى وحوف قطع من الصور المتشابة
تهيأ لي في هذا الأسبوع زيارة محمية حوف السياحية الكائنة في محافظة المهرة والحقيقة هذه المنطقة ساحرة بتضاريسها وجمال مناخها وديمومة إخضرارها فيها مزيج من التنوع الحيوي الخلاب ليس هناك انفصال بين السماء والأرض حيث تشكل السحب طبقة ممتدة تنسحب من البحر باتجاه المدينة وتصعد شيئا فشيئا نحو الجبال في رحلتها إلى الأعلى وهكذا تعاود الكرة نزولا من السماء إلى الأرض مصحوبة بنفاث خفيف من المطر.
وقد سبقني الكثير من الكتاب والإعلاميين والأدباء إلى الحديث عن جمال هذا المكان ووصفوه بأحسن الأوصاف بالصوت والصورة والقلم ورسموا في ذهن المتلقي الصورة الكاملة عن ابداع الخالق في تركيب منطقة حوف في أحسن صورة.
وما أود الحديث عنه هنا هو مدى التشابه بين حوف وسقطرى ولست أزعم الاستطاعة في جمع شتات الصورة المتفرقة هنا وهناك فذلك يتطلب برنامجا عملاقا ولكني أحاول جمع بعض أجزاء الصورة بحسب الاستطاعة وأترك المجال في إتمام الصورة للإعلام المرئي فهذا مجاله.
في بادئي الأمر كدت أجزم أن سقطرى قطعة فصلتها ظروف القدر من جبال حوف فجغرافيا أقرب نقطة إلى سقطرى في اليابسة اليمنية هي رأس فرتك وهي لحوف.
كما أن نمط المناخ في حوف يتشابه إلى حد كبير مع المناطق الوسطى في سقطرى دكسم وسكند وحجهر وغيرها وكذلك تركيبة الأرض وألوان التربة والصخور وتشكيلة الجبال كل ذلك تركيبة متماثلة يجعل إحدى المنطقتين (سقطرى وحوف) بنتا للأخرى فما يشعر صاحب حوف عند مكوته في محمية سكند أو حجهر أو دكسم أنه في مناخ غير مناخه
أما عن البيئة النباتية فقد لاحظت أن أكثر من 80% من النبتات والأشجار هي نفسها في كلا المنطقتين سقطرى وحوف والنسبة الباقية هي ما تميزت به كل منطقة عن الأخرى فمثلا في سقطرى هناك نباتات نادرة مثل دم الأخوين وغيرها وفي حوف كذلك هناك بعض المزروعات التي لا توجد في سقطرى ومثل ذلك الخيار الذي يشبه البطيخ في حجمه والذي عادة ما يزرعه الأهالي وقد ينبت من تلقاء نفسه في الجبال والهضاب وهناك الكثير غير هذين الصنفين تنفرد به كل منطقة دون الأخرى
والغريب أن اسماء الكثير من الأشجار يتشابه هنا وهناك مع فارق بسيط أحيانا وقد أحصاء أحد زملائي في الرحلة ما يقارب خمسين نوعا من الأشجار والنبتات تأخذ نفس المسمى بين حوف وسقطرى ومن ذلك على سبيل الثمتيل لا الحصر عطرهى بالسقطرية وعطروت بالهبيوتية وهي لغة أهل حوف وزركن بالسقطرية زركنوت بالهبيوت وشيحط بالسقطرية شوحوط بالهبيوت وطرب بالسقطرية ظرب بالهبيوت وغيرها الكثير والكثير مما يستحق البحث والتحليل.
أما بالنسبة للبيئة الحيوانية فما رأيته الجمال والبقر وهي تتشابه مع سقطرى في أشكالها وألوانها وخلقتها بشكل عام ورأيت أن الضأن تنفرد بشكلها عن التي في سقطرى ولم أرى الماعز أو الغنم لكن من المؤكد أنها تختلف عن التي تعيش في سقطرى.
وبالنسبة للطيور لم أرى الكثير منها ولكن الدكتور محمد المجيبي رفيقي في الرحلة وهو أحد أهالي حوف أخبرني ببعض أسماء الطيور والحشرات فوجدت أنها تشابه في التسمية هنا وهناك.
أهالي حوف يتكلمون بلغة تسمى الهبيوتية وهي أحدى اللغات الخمس:(المهرية، والحرسوسية، والبطحرية، والجبالية) التي تلتقي مع اللغة السقطرية والحقيقة أن كثيرا من الكلمات الهبيوتية تتشابه إلى حد كبير مع السقطرية ولعل هذا ذليل آخر على كون سقطرى قطعة من حوف وقد أشارت كثير من الدراسات العلمية إلى التقارب بين هذه اللغات الخمس واللغة السقطرية.
وهناك ملمح آخر لهذا التقارب أو التشابه وهو أن سقطرى على علاقة قديمة مع المهرة عامة ومع حوف خاصة وهذا ما كشفه لقاء بأهالي حوف ذكر لي الكثير منهم أنه عاش في سقطرى وأن كثيرا من السقاطرة عاشوا في حوف منذ عهود قديمة يقول أحدهم أن السقاطرة هم من بنى ديارنا وشاركونا زراعتنا ورعينا واصطيادنا وصاهرونا وصاهرناهم وفوق ذلك ترى أشكال الناس تتقارب وتتشابه بين المنطقتين وهذا يقاس على المهرة وسقطرى عامة حيث أن الناس في المحافظات الأخرى حين يرون أحد الرجال من هاتين المحافظين يعزوه إلى سقطرى أو المهرة وكثيرا ما وصفوني بالمهري ووصفوا زملائي من المهري بالسقطري.
والحق أن هناك فرق دقيق لا يدركه إلا أهالي المنطقين فكل سقطرى يعرف تشكيلة المهري وكل مهري يعرف تصاميم السقطري.
ختاما: أود لفت عناية الباحثين والدارسين والكتاب إلى المزيد من التنقيب والبحث لكشف التشابه بين سقطرى والمهرة في اللغة والبيئة والمناخ وكشف كل الجوانب الغامضة في هذا المجال.
كما أدعو الطرفين سقطرى والمهرة إلى التعاون ورفد الباحثين بكل المعلومات والوثائق التي توثق العلاقة بين الطرفين سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي المتمثل في مركز اللغة المهرية للدراسات.