آخر الأخبار

أزمات سقطرى تتوالى مع حلول رمضان

الخميس, 23 أبريل, 2020

 تدور الأيام دورتها ويقبل شهر رمضان الفضيل على أرخبيل سقطرى ويستبشر الناس بقدومه، لكن هذه المرة ليست كغيرها من المرات فهناك الكثير من التحديات والصعوبات التي تقف على طريق الاستبشار بالشهر الفضيل، فالأرخبيل قد يبدو متفردا دون غيره من محافظات اليمن في توافر المصاعب وكثرتها وقد تدرب الناس على التغلب عليها مجبرين لا مخيرين فلم تعد في اليد حيلة إلا الاستسلام للأمر الواقع.
 
    يقبل شهر رمضان داعيا الناس للتأهب الروحي والبدني والغذائي وهذا الأخير قد يكون من أصعب أنواع التأهب وقد يؤثر سلبا على التأهب الروحي والبدني، حيث صادف قدوم رمضان هذه المرة أزمات متوالية تظافرت جميعها على جعل الرجل الهمام يمشي مطرقا خجلا كيف يجلب مؤنة متكاملة من المواد الأساسية (الأرز والدقيق والسكر) وأقل تقدير ما يجب ادخاره لمتوسط عدد أفراد الأسرة أربع قطع لكل نوع على إن لا تقل عن 40كم، فضلا عن توابعها الضرورية أو الثانوية.
 
    والسؤال هنا لماذا هذا التكلف؟ وهذا العناء وللإجابة على هذا السؤال ينبغي لفت الانتباه إلى الأزمة التي اجتاحت العالم بسبب فيروس كورونا ورغم أن الفيروس ولله الحمد لم يصل سقطرى إلى الآن إلا أنه ألقى بتبعاته عليها فمن المعلوم أننا نستورد أغلب المواد من حضرموت بدرجة أساسية تليها الإمارات ومن ثم عمان، وهذه المناطق جميعها تأثرت حركة الملاحة فيها فتوقفت الموانئ من حين لآخر، وذلك كله ضاعف من سعر هذه السلع الأساسية في الأرخبيل بقيمة قد تزيد على الضعفين عنها في بقية محافظات اليمن، والأمر الآخر أن حلول رمضان صادف قرب موعد إغلاق المنفذ البحري بسبب هيجان البحر لمدة أربعة أشهر قادمة وهو منفذ رئيسي لقدوم البضائع.      
 
وثالثة أن الرواتب على قلتها تمشي ببطئ ولا تأتي في موعدها المحدد، وقد كان هناك من الأمل قدوم لجنة قبل شهر لصرف المكرمة المقدمة من المملكة العربية السعودية لفئتين من شرائح المجتمع هما (الأمن والجيش) والمعلمين، وقد صرفت فعلا لجزء من العساكر من أفراد الجيش والأمن إلا أن الصرف لم يتم وفق منهجية محددة فالبعض منهم تسلم مكرمة ثلاثة أشهر والبعض أربعه وآخرين سته أشهر والبعض لم يتسلم شيئا.
 
    والحق أن لجنة الصرف صادفتها معوقات كثيرة أبرزها شحة السيولة في البنوك والمصارف المحلية في الأرخبيل وآخر قفلة الشيش كما يقول رواد القمار أن الصراع الحالي بين قوات الشرعية التابعة لمحافظ المحافظة وقوات المجلس الانتقالي عصفت برئيس لجنة الصرف فاحتجز من قبل المجلس الانتقالي وتم التحفظ عليه وسجنه لمدة يومين، وهي محاولة للضغط على السلطة المحلية للإفراج عن المحتجزين من قادة القوات الخاصة الموالي للمجلس الانتقالي، وتدخلت كثير من المساعي للأفراج عن رئيس لجنة صرف المكرمة السعودية، وفور خروجه ركب البحر متجها إلى موطنه ولم يظفر منه بقية المتأملين في المكرمة بخبر الصرف إلى الآن.
 
   من المصاعب والتحديات التي تواجه سكان الأرخبيل أزمة الغاز حيث تم الاتفاق منذ سنوات مع شركة العيسي على توفير المشتقات النفطية للأرخبيل إلا أن المحطة منذ بداية الأزمة اليمنية اقتصرت على توفير مادتي الديزل والبترول ولم تستطيع جلب الغاز لأسباب لا نعلمها.
 
ومنذ ما يقارب ثلاث سنوات دخلت مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الانسانية ووفرت الغاز لأهالي سقطرى وقد استبشر الناس بذلك خيرا وجعل كثير من مناصري المؤسسة بشكل خاص ودولة الامارات بشكل عام يذكرون الناس بفضل توفير الغاز واستمر الحال على الصورة الطبيعية مع وجود أخلال بسيطة أحيانا إلى بداية ربيع 2019بعدها ظهر مصطلح لابد من الكرت لصرف الغاز وهو عبارة قصاصة ورق مدون فيه رقم الاستمارة والاسم وعدد الزوجات وعدد الأبناء ورقم الهاتف والتوقيع تم اصدارها من اللجان التابعة لمؤسسة خليفة بن زايد.
 
   وتماشى الناس مجبرون مع هذا التصرف نظرا لحاجتهم الماسة، لكنهم فوجئوا من بداية العام الجاري أن الغاز يصرف في يوم واحد من الأسبوع لذلك وجب عليك عد الليالي ليلة بعد ليلة لقدوم الأربعاء وإن كنت قبلها لا تعد الليالي.
 
     اختار الناس طريقة ابداعية ربما لكنها ليست آمنة لمواجهة الأمر وذلك أنهم يصفون أسطوانات الغاز من بوابة المحطة على حافة الشارع العام يتركونها في راعية الله وحفظه إلى موعد الصرف القادم والبعض يتعهدها بالنظر من بعيد من حين لآخر وكأنه يربيها لتكبر أو يوصيها أن تحافظ على موقعها، وبعد هذا الجهد ليتك تظفر بأسطوانة حينها ستكون البطل الهمام حديث تحفيز النساء وجد فلان وأنت ما وجدت.
 
     القائمون على محطة الغاز يخترعون في كل مرة وسائل جديدة لإذلال الناس، ومؤخرا اقتصروا الصرف على أربعين أسطوانة من القطع الصغير ومثلها من القطع الكبير، كما تم رفع السعر بربع القيمة السابقة ليصبح سعر القنينة الصغيرة ثمانية ألف ريال والكبيرة ضعفها.
 
   ومن المضحك في هذا المجال أنه ظهرت حكايات وقصص ناجمة عن مواقف التدافع وجدت أحدهم في طريقي يحمل أسطوانة الغاز على ظهره فأوقفت السيارة وقلت له اركب فدعا لي وبعدها تنهد تنهيدة واسعة قلت: ما لك فجعل يترنم بقول الفقيه: في كل ليلة تخطر ببالي ولا يفارق رسمك خيالي فضحكت فقال: آه آه يا أبوبكر ما تدري أني في كل ليلة يخطر الغاز ببالي ولا يفارق رسمه خيالي.
 
   أحد الجيران حكي لي أن ثلاث نساء من جماعتهم ذهبن لجلب الغاز وعند الظهيرة عدن وكل واحدة في يدها مغذي وفي الأخرى كيس من الدواء.
 
   أخيرا رسالتي للسلطة المحلية أولا نرجو توفير مخزون كافي من السلع الأساسي تحسبا لفصل الخريف وأيضا ضبط المتلاعبين بالأسعار ومناشدة السلطات لتوفير الرواتب.
 
   والرسالة الأخرى للقائمين على مؤسسة خليفة بن زايد في الداخل والخارج أوقفوا العبث بالناس وإذلالهم فغما أن تمارسوا التجارة بأخلاق أو ارحلوا عنا.  
    * المقال خاص بموقع"المهرية نت"
 
 

يا كوت يا رنبص!
السبت, 24 فبراير, 2024