آخر الأخبار

"هلال المرقب".. فنان كاريكاتير يواكب يوميات الحرب وبريشته يحاكم أطرافها

هلال المرقب

هلال المرقب

المهرية نت - مأرب - خاص
الأحد, 15 نوفمبر, 2020 - 10:16 صباحاً

شهدت السنوات الأخيرة تزايداً لافتاً في الاهتمام بفن الكاريكتير في اليمن خصوصاً مع دخول الحرب الجارية في البلاد عامها السادس دون أفق واضح، ليغدو التعبير عن يوميات هذه الحرب بقالب بسيط ومؤثر يصل لكل شرائح المجتمع بمافيها تلك الفئة الأمية التي لاتقرأ ولاتكتب، مهمة صعبة اضطلع بها رسامو الكاريكتير.

 

في محافظة مأرب، ينشط عدداً من هؤلاء الرسامين في الكفاح بأدواتهم البسيطة للتعبير عن أحداث الحرب والقضايا الاجتماعية والسياسية التي تشغل اهتمام الشارع اليمني، على شكل رسومات معبّرة عادة ماتكون لاذعة وساخرة، تحقق وصولاً عالياً على منصات الإعلام الجديد، ويبدو للمتابع أثرها واضحاً في الارتقاء بالوعي ومعالجة قضايا اجتماعية وانسانية نظراً لخصائص الكاريكتير سهلة الفهم للجمهور بمختلف مستوياته، فرسمة واحدة قد تغنيك عن الكثير من التفاصيل المكتوبة أو الخطب والمحاضرات.

 

ومع تعقيدات الواقع السياسي وتداخل أطراف الصراع في البلاد، إلى جانب الرواج والأثر الكبير الذي تحققه أعمال الرسم الكاريكاتوري التي يجري تداولها يومياً على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، يغدو فنان الكاريكتير مستهدفاً رئيساً مثله مثل الصحفي ويتعرض للملاحقة والترهيب من الأطراف التي ترى أن ماينتجه من رسومات يلحق ضرراً ما بها خاصة في ظل القمع ومصادرة الحريات.

 

بروفايل رسام كاريكاتير

وفي سياق عرضنا لتجارب فناني كاريكاتير، يقول رسام الكاريكتير الذي يقيم في مدينة مأرب هلال المرقب (32 سنة)، إن بداياته في هذا الفن تعود لشغفه القديم بالرسم الذي يعود الى الدراسة الأساسية، بمدرسة الريف في مسقط رأسه بمنطقة سماه بمديرية عتمة الى الغرب من محافظة ذمار.

 

"نالت رسوماتي الأولية إعجاب أساتذتي في المدرسة حينها، هذا الشغف بالرسم تملكني رغم إن التعليم في الريف يفتقر لنشاط الرسم ولايوجد أدنى أهتمام بهذا الجانب، حتى أني كنت أقوم برسم شكل الأستاذ أثناء شرح الحصة" يقول هلال متحدثاً لـ"المهرية نت"، مشيراً إلى أن أغلب تلك الرسومات تجسد المنظر الجمالي للقرية" .

 

يتابع الفنان المرقب: الكاريكاتير نافذتي الوحيدة التي أحاكي بها العالم، وأرى أني قدمت تجربة ناجحة على المستوى الشخصي، لكنه عملٌ لاينجح في بلادٍ لاتهتم بهذا العمل".

 

بعد إتمام المرحلة الثانوية انتقل "المرقب" إلى صنعاء ليدلف مرحلة جديدة تشكل تحول مهم في حياته كفنان كاريكاتير قادم، حيث بدأ متابعة الرسومات التي تنشر في الصحف اليومية "كان ذلك في الفترة التي سبقت احتجاجات 2011م" والاهتمام بالمجلات المتخصصة بالرسم، ومن ثم تقليد بعض الرسامين.

 

ويشير هلال في حديثه لـ"المهرية نت" إلى أن شيوع وسائل التواصل الإجتماعي واندلاع احتجاجات 2011م في زخم الربيع العربي وسع من فرصه لإنتاج رسوماته ونشرها أسهم في تطوير قدراته باستمرار وتحقيق سمعة جيدة، رغم المخاطر التي تحيد بحياة رسام الكاريكاتير على خلفية ماينتجه.

 

بعد اندلاع الحرب منذ سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء وعدة محافظات يمنية أواخر 2014م،  تعرض الرسام هلال المرقب للملاحقة والتعقب من قبل الجماعة حيث وصلت حملة من عدة أطقم إلى قريته في محاولة لاعتقاله بعد تداول إحدى رسوماته اللاذعة التي تنتقد زعيم جماعة الحوثي، إلا أنه تمكن من الإفلات بطريقة ما ولجأ الى محافظة مأرب التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية ومن هناك دشن نشاطاً أوسع.

 

منذ وصوله خلال 2016م الى مأرب، قال المرقب لـ"المهرية نت" أنه أنتج عددا كبيرا من الرسومات المعبّرة والتي حققت تداولاً واسعاً وعكست تفاعلاً متناغماً مع اهتمامات الناس على المستوى المعيشي والاجتماعي والسياسي، ومن ذلك رسومات جسدت في أكثر من مناسبة السياسة العبثية التي ينتهجها التحالف السعودي الإماراتي في حرب اليمن، وممارسات جماعة الحوثي، إلى جانب إنتاج مقدار كبير من الرسومات لصالح رابطة أمهات المختطفين التي تكافح للإفراج عن آلاف المختطفين في سجون الحوثيين والتشكيلات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً.

 

الفكرة وواقع الفن في اليمن
بحسب الفنان هلال المرقب تنشأ فكرة رسمة الكاريكاتير من المعاناة اليومية والقضايا التي تهم المجتمع، ومن خلال متابعة الأخبار والتطورات اليومية والمواضيع التي تشغل اهتمام الراي العام ونشطاء التواصل الإجتماعي والتطورات اليومية، حيث يستلهم الفنان الفكرة ليعمل على تجسيدها في عمل فني مرسوم.

 

ويقول المرقب إنه  ورغم الأثر الذي يحققه فنان الكاريكاتير في صناعة الوعي وتعزيز القيم الايجابية، إلا أن الاهتمام بالفنان وتقدير ما يقوم به في اليمن متدنٍ، ولايوجد أي توجه أو جهود رسمية لدعم أو مساندة فنان الكاريكاتير وإن وجد فهو بسيط وهامشي لايكاد يذكر.

 

 وأشار الى أن محاولة وحيدة لتوحيد جهود فناني الكاريكاتير جرت في السابق مع إنشاء رابطة معنية بهم قبل اجتياح الحوثيين لصنعاء وشارك فيها أكثر من 25 رساماً ورسامة، ونظمت الرابطة معرضاً كبيراً وفعالا عن الفساد في مقر المركز الثقافي بصنعاء، وكان باكورة أعمال الرابطة، إلا أنها مالبثت أن توقفت وتجمد نشاطها بفعل الحرب وتشتت القائمين على هذا الكيان وأعضائه.

 

ولفت الفنان المرقب الى أن معاناة متعددة تواجه رسام الكاريكتير باليمن، منها مايتعلق بالملاحقة والقمع والاعتقالات، ومنها الوضع المادي المتردي وعدم اهتمام الجانب الرسمي وتدني الإيمان بتأثير الكاريكاتير وأهميته، وبمجملها تنعكس هذه العراقيل على إنتاج الفنان مايضطره في كثيرٍ من الأحيان للإحباط والتوقف.


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية