آخر الأخبار

الفيسبوك في اليمن.. سبتمبري الهوية

العلم الوطني يرفرف على أحد المباني الحكومية

العلم الوطني يرفرف على أحد المباني الحكومية

المهرية نت - وحدة التقارير/خاص
الاربعاء, 16 سبتمبر, 2020 - 09:48 صباحاً

ما إن أطل على اليمنين فجر أيلول حتى تسابقوا لتبادل التهاني ونشر التبريكات على منصات التواصل الاجتماعي بقدوم شهرهم المجيد.

 

آخرون أضافوا شعارات صممتها مؤسسات إعلامية ومتطوعون، لصورهم الشخصية احتفاء بالذكرى الثامنة والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر.

 

وعادةً ما يتضمن الشعار المرفق على الصور الشخصية (البروفايل) شعلة متقدة تعبر عن روح الثورة الحيّة في نفوس اليمنيين، أو رقم "26" نسبة ليوم الثورة المجيد السادس والعشرين من سبتمبر والتي أسقط فيها ثوار الجمهورية النظام الإمامي البائد، يغلفها العلم اليمني بألوانه المميزة.

 

 "المهرية نت" سألت عدداً من الناشطين اليمنيين حول ما تعنيه هذه المناسبة بالنسبة لهم، يقول الناشط الإعلامي يحيى حمران "أضفت لبروفايلي شعار ثورة سبتمبر لأنها حدث عظيم كونه يذكّر الأجيال بأحقيتهم في حكم انفسهم، ولأن في هذا اليوم تم كسر قاعدة كانت سائدة في اليمن مفادها "لا حكم إلا لمن ينتمي لسلالة الإمامة"، فهو يذكرنا أن أول حاكم لليمن من غير هذه الأسرة بعد 1200 عام هو اليمني البسيط عبدالله السلّال وتولى أمثاله من اليمنيين الحكم تباعا بفضل ذلك اليوم المجيد".

 

ويضيف حمران "لا يوجد ما هو أغلى ثمنًا من شعور الإنسان أنه سيد نفسه وصاحب القدرة على التحكم  بتصرفاته وأقواله وأعماله، فلا يوجد أحد وصي على أحد، كما أن لا حدود لحرية المرء ما لم يتعدى حرية الآخرين وفق الدستور الذي كان نتاجاً لتلك الثورة المجيدة، لذا فمكانة هذه المناسبة تعني لي الكثير، تعني امتلاكي لحريتي وكرامتي وأخلاقي التي تُشعرني بالمسؤولية تجاه المجتمع من حولي بنفسٍ راضية، لا مغصوبة أو مُكْرهة".

 

ويعتقد حمران أن من البديهي أن يحتفي اليمانون بهذه المناسبة بهذا الشكل المميز لأن سبتمبر وثورته المجيدة حررتهم من الخضوع وبذل الطاعة على أبواب "السيّد"، لذا فإنها مثلت لهذا الشعب طوق النجاة، "ولولا أن اليمنيين مشغولون اليوم بمقارعة ومحاربة فلول الإمامة لكان احتفالهم أكبر في الساحات والميادين".

 

ويضيف حمران أن اليمنيين عرفوا قيمة ثورة سبتمبر اليوم أكثر من الماضي، "ليس لأنهم تعمقوا في قراءة التاريخ، وإنما لكونهم عرفوا قبح وتسلط ودجل الإمامة ورأوا ممارساتها أمام أعينهم من خلال الإماميين الجدد، لقد كنا نظن أن ما نقرأه وما نسمعه من آباءنا وأجدادنا مجرد أساطير ومبالغات لكننا عرفنا ذلك حقيقة من خلال بعد أن عاد الإماميون بلباس جديد وبممارسات أكثر قبحاً".

 

أما الناشطة الإعلامية ياسمين مديرجان فتقول في حديثها لـ "المهرية نت" إن سبب احتفاءها بالثورة وإضافة شعار الذكرى السبتمبرية على صورتها الشخصية في فيسبوك جاء من اعتقادها أن هذه المناسبة هي المعبّر عن هوية اليمنيين اليوم، "في ظل زيادة الأخطار المحدقة بالجمهورية، هناك حالة من التدفق الروحي والانتماء لهذه الثورة والولاء لها والخوف على مصيرها، صحيح أنه لم يكن هناك اهتماما كبيراً من قبل بهذه المناسبة - وهذا ربما بسبب حالة الاستقرار النسبية التي كنا نعيشها - لكن الخطر المحدق بالجمهورية التي كانت ثمرة من ثمار سبتمبر ولّد حالة من الخوف والقلق لدى الناس".

 

وتضيف مديرجان: "لم نعاصر ثورة سبتمبر، كما أننا لم نكن نعرف المخاطر المحدقة بها، وهذا ما جعل أعداءها يعودون من جديد دون أن يعي الكثير من الناس ذلك".

 

وترى مديرجان أن هناك محاولة لمحو القيمة العليا التي تحتلها هذه الثورة في نفوس اليمنيين "ومع ذلك فإن على الجيل الحالي أن يدرك أهمية مواصلة السير على درب الثوار المناضلين حتى النهاية إذ أن أهمية إنجاح هذه الثورة باتت ضرورة ملحة اليوم أكثر من أي وقت مضى".

 

فقدان الجمهورية

 

الكاتب والباحث محمد المقبلي يعتقد أن الاهتمام الالكتروني بهذه المناسبة الوطني  يأتي نتيجة "فقدان اليمنيين الجمهورية كقيمة على صعيد الواقع السياسي والعسكري مما جعل الناس يعوضون عنها في الحضور الشعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي والجانب الالكتروني على وجه التحديد، من أجل بث الروح الجمهورية مجدداَ لهذه الذكرى التي تعيش فيها الجمهورية مأساة مركبة سواء من خلال اجتياح الإمامة الهاشمية في الداخل أو عدم وجود نخب جمهورية على قدر كبير من المسؤولية".

 

وفي معرض رده على سؤال يتعلق بمدى إدراك اليمنيين ووعيهم بقيمة الثورة وإذا الاحتفاء بها اليوم مجرد حالة عاطفية انفعالية كردة فعل تجاه الانقلاب الحوثي، يقول المقبلي: "فيما يتعلق بالمشروع الجمهوري وثورة الـ 26 من سبتمبر عند القطاعات الشعبية الواسعة فهذا الأمر يتعلق بالعاطفة الشعبية تجاه الجمهورية، لكن هناك حراك فكري واسع أعتقد أنه سيثمر إلى توسع وعي فكري وعقلاني يفهم الجمهورية كخطاب وكرؤية سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة".

 

فعاليات طائفية

ويرى المقبلي أن الميليشيا الإمامية تستخدم الخطاب الديني عبر التاريخ لتضليل الشعب وتستفيد من الجهل وتستثمر بالجهل لمحو معالم الجمهورية "سواء من خلال مسح الذاكرة أو عن طريق إحلال رموزٍ هُمْ امتدادٌ لمشروع الإمامة المضادة للجمهورية مثل مناسبة عيد الغدير أو إحياء فعالية الإمام زيد وكل المناسبات المذهبية والسلالية التي هي على الضد من الفكر الجمهوري الذي يقوم على مبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه".

 

ويشدد الكاتب والباحث اليمني على أهمية القراءة في التاريخ وينقل عن أحد المفكرين عبارة: "من لم يستوعب دروس التاريخ كُتب عليه أن يعيد مآسيه". لكن هذا الأمر - بحسب المقبلي - إذا لم يتحول إلى مشروع فكري ينعكس على مؤسسات التعليم والإعلام فإنه لن يكون ذا قيمة، وهذا يتطلب "إرادة وقرارات سياسية".

 

ويحتفل اليمنيون كل عام بذكرى ثورة الـ 26 سبتمبر عام 1962 والتي أسقطت نظام الإمامة في الشمال بعد حكم تسلطي دام لعقود طويلة، اتسم بالاستبداد والتجهيل الممنهج لمعظم فئات الشعب. كما هيأت ثورة سبتمبر الظروف لاستقلال الجنوب في أكتوبر عام 1963م.

ورغم مرور ستة عقود على تلك الثورة إلا أن اليمنيين يعتقدون أنهم خدعوا وأن النظام الإمامي عاد من جديد بشكل وهيئة مختل مختلفة عنوانها الحوثي.


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية